فتحصل من جميع ما ذكرناه أنه لا دليل على وجوب الاخذ بفتوى الأعلم في مفروض الكلام. نعم لو لم يثبت التخيير كان هو المتعين بمقتضى الأصل على ما تقدم، إلا أن السيرة قائمة على الرجوع إلى كل من الأفضل والمفضول عند عدم العلم باختلافهما فهي الدليل على التخيير. ألا ترى أن الطبيب المفضول لا يبقى عاطلا في بلد مع وجود الأفضل منه فيه، فان العقلاء يراجعون المفضول كما يراجعون الأفضل. نعم لو أحرز الاختلاف بينهما، لا يراجعون المفضول كما ذكرناه سابقا.
هذا، ويمكن الاستدلال على جواز الرجوع إلى غير الأعلم باطلاق مثل قوله تعالى:
(فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) وتوهم - أنه لا يمكن التمسك باطلاق آية السؤال ونحوها في المقام، لان صورة مخالفة فتوى الأعلم مع فتوى غيره خارجة عن الاطلاقات، لما تقدم من أن أدلة الحجية من الآيات والروايات لا تشمل شيئا من المتعارضين، وحيث أنا نحتمل في الفرض مخالفة فتوى الأعلم لفتوى غيره، كان التمسك بالاطلاقات من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية - مدفوع بأنه يحرز عدم الاختلاف بين الفتويين باستصحاب عدمه الأزلي، أن النعتي على ما ذكرناه غير مرة.
(فروع):
(الأول) - إذا علم اختلاف المجتهدين وأعلمية أحدهما اجمالا، وجب الفحص عن الأعلم وتقليده، لما تقدم من اختصاص الحجية بفتواه عند مخالفته لفتوى غير الأعلم، فان لم يتمكن من تعيينه، وجب الاحتياط بين القولين فيما إذا أمكن، وإلا كان مخيرا بينهما. وإن تمكن من تعيين الأعلم بالظن، فإنه لا دليل على اعتباره، كما لا يخفي.
(الثاني) - إذا علم الاختلاف بين المجتهدين، ولم تعلم أعلمية أحدهما، ولكنه