المجعول، لكون الأول أصلا سببيا بالنسبة إلى الثاني، فان الشك في بقاء الحرمة مسبب عن الشك في سعة جعل الحرمة وضيقها، فأصالة عدم جعل الحرمة موجبة لرفع الشك في بقاء المجعول، فلا يبقى للاستصحاب الثاني موضوع.
وهذا الكلام وإن كان موافقا للمختار في النتيجة، إلا أنه غير صحيح في نفسه، لما مر غير مرة ويأتي انشاء الله تعالى من أن الملاك في الحكومة ليس مجرد كون أحد الأصلين سببيا والاخر مسببيا، بل الملاك كون المشكوك فيه في أحد الأصلين أثرا مجعولا شرعيا للأصل الاخر، كما في المثال المعروف وهو ما إذا غسل ثوب نجس بماء مشكوك النجاسة، فالشك في نجاسة الثوب مسبب عن الشك في طهارة الماء، وجريان أصالة الطهارة في الماء موجب لرفع الشك في طهارة الثوب، لان من الآثار المجعولة لطهارة الماء هو طهارة الثوب المغسول به، فأصالة الطهارة في الماء تكون حاكمة على استصحاب النجاسة في الثوب، بخلاف المقام، فإنه ليس عدم حرمة الوطء من الآثار الشرعية لأصالة عدم جعل الحرمة، بل من الآثار التكوينية له، لان عدم الحرمة خارجا ملازم تكوينا مع عدم جعل الحرمة، بل هو عينه حقيقة، ولا مغايرة بينهما إلا نظير المغايرة بين المهية والوجود، فلا معنى لحكومة أصالة عدم جعل الحرمة على استصحاب بقاء المجعول.
(الثالث) ما ذكره المحقق النائيني " ره " وهو أن استصحاب عدم الجعل غير جار في نفسه، لعدم ترتب الأثر العملي عليه، لان الجعل عبارة عن إنشاء الحكم في مقام التشريع، والاحكام الانشائية لا تترتب عليها الآثار الشرعية، بل ولا الآثار العقلية من وجوب الإطاعة وحرمة المعصية مع العلم بها فضلا عن التعبد بها بالاستصحاب، فإنه إذا علمنا بأن الشارع جعل وجوب الزكاة على مالك النصاب، لا يترتب على هذا الجعل أثر ما لم تتحقق ملكية في الخارج. وعليه فلا يترتب الأثر