(الثاني) الاستصحاب في الموضوعات، فإنه قائل به مفصلا بين الشك في المقتضي والشك في الرافع كما ذكره في أول تنبيهات الاستصحاب. ومثل للشك في الرافع بالشك في كون الحدث أكبر أو أصغر، فتوضأ فيكون الشك شكا في الرافع، فيجري استصحاب الحدث. ومثل للشك في المقتضي بالشك في كون حيوان من جنس الحيوان الفلاني الذي يعيش خمسين سنة أو من جنس الحيوان الفلاني الذي يموت بعد ثلاثة أيام مثلا، مع أنه يلزم من تفصيله عدم حجية الاستصحاب في الموضوعات كحياة زيد وعدالة عمرو مثلا، فان إحراز استعداد أقراد الموضوعات الخارجية مما لا سبيل لنا إليه، وان اخذ مقدار استعداد الموضوع المشكوك بقاؤه من استعداد الجنس البعيد أو القريب، فتكون أنواعه مختلفة الاستعداد، وكيف يمكن احراز مقدار استعداد الانسان من استعداد الجسم المطلق أو الحيوان مثلا؟
وإن اخذ من الصنف فافراده مختلفة باعتبار الأمزجة والأمكنة وسائر جهات الاختلاف، فيلزم الهرج والمرج. وهذا هو الاشكال الذي أورده على المحقق القمي بعينه، وحاصله عدم جريان الاستصحاب في الموضوعات لكون الشك فيها شكا في المقتضي، لعدم احراز الاستعداد فيها.
(الثالث) استصحاب عدم الغاية ولو من جهة الشبهة الموضوعية، كما إذا شك في ظهور هلال شوال أو في طلوع الشمس، فان الشك فيه من قبيل الشك في المقتضي، لأن الشك - في ظهور هلال شوال في الحقيقة - شك في أمر شهر رمضان كان تسعة وعشرين يوما أولا، فلم يحرز المقتضي من أول الامر، وكذا الشك في طلوع الشمس شك في أن ما بين الطلوعين ساعة ونصف حتى تنقضي بنفسها أو أكثر فلم يحرز المقتضي مع أن الشيخ قائل بجريان الاستصحاب فيه، بل الاستصحاب مع الشك في هلال شوال منصوص بناء على دلالة قوله (ع): " صم للرؤية وأفطر