الاستصحاب على تقدير كون الجواب محذوفا - أظهر إلا أنها دالة عليها على تقدير كون الجواب أحد الامرين المذكورين أيضا، للقرينة الخارجية والداخلية:
أما القرينة الخارجية، فهي ذكر هذه الفقرة الدالة على عدم جواز نقض اليقين بالشك في روايات متعددة واردة في أبواب اخر، غير مسألة الشك في الحدث كما يأتي ذكرها إنشاء الله تعالى، فتدل على أن عدم جواز نقض اليقين بالشك قاعدة كلية لا اختصاص لها بباب الوضوء.
وأما القرينة الداخلية، فأمور: (أحدها) أن اليقين والشك من الصفات ذات الإضافة، كالحب والبغض وغيرهما من ذوات الإضافة، وهي مشتركة مع باقي الاعراض الخارجية في الاحتياج إلى الموضوع، وممتازة عنها بالاحتياج إلى المتعلق مضافا إلى الموضوع، فان اليقين كما يحتاج في وجوده إلى الموضوع وهو المتيقن بالكسر، كذا يحتاج إلى المتعلق وهو المتيقن بالفتح، فلا وجود لليقين إلا متعلقا بشئ، فكلما ذكر اليقين في كلام، لابد من ذكر متعلقه، وإلا لم يتم الكلام في الإفادة. فذكر الوضوء - في قوله (ع): فإنه على يقين من وضوئه - لا يدل على اعتبار خصوصية الوضوء في عدم جواب نقض اليقين بالشك، بل ذكر المتعلق إنما هو لعدم تمامية الكلام بدونه، وذكر خصوص الوضوء إنما هو لكون مورد السؤال والجواب هو الوضوء، فبعد كون ذكر الوضوء لما ذكرنا لا لاعتبار الخصوصية، يكون اطلاق قوله (ع) - وينقض اليقين بالشك - هو المتبع، فلا اختصاص للاستصحاب بباب الوضوء.
(ثانيها) نفس لفظ النقض في قوله (ع): ولا ينقض اليقين بالشك، فإنه يدل على أن العبرة باليقين إنما هو باعتبار أن اليقين أمر مبرم مستحكم، والشك تحير وغير مبرم، ولا يجوز نقض المبرم بأمر غير مبرم بلا اعتبار خصوصية الوضوء.