بالاستصحاب الآثار الشرعية المترتبة على اللوازم العقلية أو العادية للمتيقن؟ ولا يخفى أن مورد البحث ما إذا كانت الملازمة بين المستصحب ولوازمه في البقاء فقط، لأنه لو كانت الملازمة بينهما حدوثا وبقاء، كان اللازم بنفسه متعلق اليقين والشك، فيجري الاستصحاب في نفسه بلا احتياج إلى الالتزام بالأصل المثبت. وأما إذا كانت الملازمة في البقاء فقط، فاللازم بنفسه لا يكون مجرى للاستصحاب، لعدم كونه متيقنا سابقا، فهذا هو محل الكلام في اعتبار الأصل المثبت وعدمه. وذلك: كما إذا شككنا في وجود الحاجب وعدمه عند الغسل، فبناء على الأصل المثبت يجري استصحاب عدم وجود الحاجب، ويترتب عليه وصول الماء إلى البشرة، فيحكم بصحة الغسل - مع أن وصول الماء إلى البشرة لم يكن متيقنا سابقا - وبناء على عدم القول به، لابد من اثبات وصول الماء إلى البشرة من طريق آخر غير الاستصحاب، وإلا لم يحكم بصحة الغسل. وحيث إن المشهور حجية مثبتات الامارات دون مثبتات الأصول، فلابد من بيان الفرق بين الأصل والامارة، ثم بيان وجه حجية مثبتات الامارة دون الأصل، فنقول: المشهور بينهم أن الفرق بين الأصول والامارات: أن الجهل بالواقع والشك فيه مأخوذ في موضوع الأصول دون الامارات، بل الموضوع المأخوذ في لسان أدلة حجيتها هو نفس الذات بلا تقييد بالجهل والشك، كما في قوله تعالى: (إن جاء كم فاسق بنبأ فتبينوا...) فان الموضوع للحجية بمفاد المفهوم هو إتيان غير الفاسق بالنبأ من دون اعتبار الجهل فيه، وكذا قوله (ع): " لا عذر لاحد في التشكيك فيما يرويه ثقاتنا " فان موضوع الحجية فيه هو رواية الثقة بلا تقييد بأمر آخر.
هذا هو المشهور بينهم.
وللمناقشة فيه مجال واسع، لان الأدلة الدالة على حجية الامارات وان كانت مطلقة بحسب اللفظ، إلا أنها مقيدة بالجهل بالواقع بحسب اللب. وذلك، لما ذكرناه