إلى أن بقاء الكلي ليس من الآثار الشرعية لحدوث الفرد الطويل حتى ينفى بالأصل، ففي المقام نقول: إن منشأ الشك في بقاء الكلي ليس هو الشك في حدوث الفرد الاخر، بل منشأه هو الشك في أن الحدوث بهذا العنوان هل هو الفرد المرتفع يقينا أو غيره؟ فالشك في بقاء الجنابة في المثال نشأ من الشك في أن الجنابة الموجودة حال خروج المني المرئي في الثوب هل هي الجنابة التي قد ارتفعت، أو أنها غيرها؟
ولا يجري أصل يرتفع به الشك في بقاء الكلي، مضافا إلى أن بقاء الكلي ليس من الآثار الشرعية لحدوث فرد آخر ليحكم بعدم بقائه بأصالة عدم حدوث فرد آخر.
وعليه فلا مانع من جريان استصحاب بقاء الكلي.
وربما يقال بعدم جريان الاستصحاب في هذا القسم من أقسام استصحاب الكلي، نظرا إلى أنه لابد في جريان الاستصحاب من إحراز صدق عنوان نقض اليقين بالشك على رفع اليد عن اليقين السابق، وفى المقام لم يحرز هذا، لأنه بعد اليقين بارتفاع الفرد المتيقن واحتمال انطباق العنوان الاخر عليه، يحتمل أن يكون رفع اليد عن اليقين به من نقض اليقين باليقين، فلا يمسكن التمسك بحرمة نقض اليقين بالشك، فإنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
وجوابه: أن احتمال الانطباق إنما هو في نفس العنوان لا بوصف أنه متيقن، فإنه بهذا الوصف يستحيل انطباقه على الفرد الأول بالضرورة، ففي المثال المتقدم إنما تحتمل انطباق نفس عنوان المتكلم على زيد، إلا أنه بوصف أنه متيقن لا يحتمل أن ينطبق عليه، فبعد اليقين بوجود المتكلم في الدار لا يرتفع هذا اليقين باليقين بخروج زيد عنها، بل الشك في بقائه فيها موجود بالوجدان، فلا مانع من جريان الاستصحاب فيه. وبالجملة الشبهة المصداقية غير متصورة في الأصول العملية، لان موضوعها اليقين والشك، وهما من الأمور الوجدانية: فاما أن يكونا موجودين أولا،