والجنب خارج من هذا العموم ويجب عليه الغسل لقوله تعالى: (فان كنتم جنبا فاطهروا...) فيكون وجوب الوضوء مختصا بغير الجنب، فان التقسيم قاطع للشركة، فالمكلف بالوضوء هو كل محدث لا يكون جنبا، فهذا الذي قام من نومه ويحتمل كونه جنبا حين النوم تجري في حقه أصالة عدم تحقق الجنابة، فكونه محدثا محرز بالوجدان، وكونه غير جنب محرز بالتعبد الشرعي، فيدخل تحت قوله تعالى: (فاغسلوا وجوهكم...) فيكون الوضوء في حقه رافعا للحدث. ولا مجال لجريان الاستصحاب في الكلي، لكونه محكوما بالأصل الموضوعي.
ثم إنه قد استثنى الشيخ (ره) صورة أخرى من القسم الثالث، والتزم بجريان الاستصحاب فيها وهي ما يتسامح فيه العرف، فيعدون الفرد اللاحق مع الفرد السابق كالمستمر الواحد، كما إذا علم السواد الشديد في محل وشك في تبدله بسواد ضعيف أو بالبياض، فيستصحب مطلق السواد، وكذا لو كان الشخص في مرتبة عالية من العدالة، وشك في تبدلها بالفسق أو بمرتبة نازلة من العدالة، فيجري الاستصحاب في مطلب العدالة.
وفيه أن جريان الاستصحاب في مثل الأمثلة المذكورة وإن كان مما لا اشكال فيه، إلا أنه لا يصح عده من القسم الثالث من استصحاب الكلي، فإنه بعد كون الفرد اللاحق هو الفرد السابق بنظر العرف وكون الشدة والضعف من الحالات، يكون الاستصحاب من الاستصحاب الجاري في الفرد، أو القسم الأول من استصحاب الكلي إذا كان الأثر له لا لخصوصية الفرد.
ثم إن الفاضل التوني (ره) رد تمسك المشهور في الحكم بنجاسة الجلد المطروح باستصحاب عدم التذكية بما حاصله: أن عدم التذكية لازم لامرين: الحياة، والموت بحتف الانف، والموجب للنجاسة ليس هذا اللازم من حيث هو، بل ملزومه الثاني