فلا معنى لاحتمال اليقين واحتمال أن يكون رفع اليد من اليقين السابق من نقض اليقين باليقين. ونظير المقام ما إذا علمنا بموت شخص معين، واحتمل أنه هو المجتهد الذي نقلده، فهل يصح أن يقال: إنه لا يمكن جريان استصحاب حياة المجتهد لاحتمال أن يكون هذا الشخص الذي تيقنا بموته منطبقا عليه، فنحتمل أن يكون رفع اليد عن اليقين بحياته من نقض اليقين باليقين، مع أن اليقين بحياة المجتهد والشك في بقائها موجودان بالوجدان، فكما لا مانع من جريان الاستصحاب فيها لتمامية أركانه، فكذا في المقام بلا فرق بينهما.
(التنبيه الخامس) - في جريان الاستصحاب في التدريجيات. ويقع الكلام فيه في مقامين: (المقام الأول) - في الزمان و (المقام الثاني) - في غيره من التدريجيات كالحركة.
(أما المقام الأول) فتفصيل الكلام فيه أنا إذا قلنا بأن الزمان موجود واحد مستمر متقوم بالانصرام، ولذا يعبر عنه بغير القار، فلا مانع من جريان الاستصحاب فيه، لوحدة القضية المتيقنة والمشكوكة بالدقة العقلية فضلا عن نظر العرف، فإذا شككنا في بقاء النهار مثلا يجري استصحاب وجوده بلا إشكال، وإن قلنا بأن الزمان مركب من الآنات الصغيرة المنصرمة: نظير ما ذكره بعضهم من تركب الأجسام من الأجرام الصغيرة غير القابلة للتجزئة، فلا مانع من جريان الاستصحاب فيه أيضا، لوحدة القضية المتيقنة والمشكوكة بنظر العرف. والمدار في جريان الاستصحاب على وحدة الموضوع بنظر العرف لا بالدقة العقلية. وهذا المسلك وان كان باطلا في نفسه، لان بعض الأدلة الدالة على ابطال الجزء الذي لا يتجزى يبطله أيضا، إلا أن الالتزام به لا يمنع من جريان الاستصحاب في الزمان. هذا كله بالنسبة إلى الآثار المترتبة على نفس الزمان، وأما الآثار المترتبة على عدم ضده: كجواز الاكل والشرف في ليالي