معنى الامساك النهاري هو اجتماع الامساك مع النهار في الوجود، إذ النهار موجود من الموجودات الخارجية، والامساك عرض قائم بالمكلف، فلا معنى لاتصاف أحدهما بالآخر، فإذا شك في بقاء النهار يكفي جريان الاستصحاب فيه بنحو مفاد كان التامة، ولا يكون من الأصل المثبت في شئ. نعم لو أردنا إثبات اتصاف الامساك بكونه نهاريا باستصحاب النهار بنحو مفاد كان التامة، كان من الأصل المثبت، لكنه لا تحتاج إليه، بل لا معنى له على ما ذكرناه. نعم قد يؤخذ في لسان الدليل الشرعي عنوان انتزاعي موضوعا لحكم من الاحكام كالتقدم والتأخر والتقارن، فإذا شك في بقاء الزمان فباستصحابه لا يمكن إثبات هذا العنوان إلا على القول بالأصل المثبت، ولا اختصاص له باستصحاب الزمان، بل بجري في غيره أيضا، فإذا كان الموضوع لإرث الولد تأخر موته عن موت أبيه وعلمنا بموت والده في شهر رمضان مثلا، وشككنا في أن موت الولد كان متأخرا عنه أم لا، فباستصحاب حياة الولد لا يمكن إثبات عنوان التأخر، إلا على القول بالأصل المثبت. فالمتحصل مما ذكرناه في المقام صحة جريان الاستصحاب في الزمان مطلقا.
(المقام الثاني) - في جريان الاستصحاب في غير الزمان من التدريجيات، وهو على قسمين: لان الامر التدريجي إما أن يكون مثل الزمان بحيث يكون تقومه بالانصرام والانقضاء، ولا يمكن اجتماع جزءين منه في زمان واحد، بل يوجد جزء منه وينعدم فيوجد جزء آخر، ويعبر عنه بغير القار كالحركة والجريان والتكلم ونحوها.
وإما أن يكون بنفسه غير منصرم وله ثبات في نفسه، ولكنه من حيث تقيده بالزمان يكون غير قار، فكونه غير قار إنما هو باعتبار قيده وهو الزمان، كما إذا أمر المولى بالقيام إلى الظهر أو بالجلوس إلى المغرب مثلا.
(أما القسم الأول) فقد ظهر الكلام فيه مما ذكرنا في الزمان، لأنه إن قلنا