- من الأدلة الدالة على اعتبار الحياة في المفتي - لا يشمل البقاء، أما الاجماع فظاهر، فان مورده التقليد الابتدائي. وذهب جمع من المحققين إلى جواز البقاء على تقليد الميت، فلا يمكن دعوى الاجماع على عدم جوازه. وأما الآيات والروايات، فإنها تدل على اشتراط الحياة في المفتي عند التعلم منه والسؤال. وأما اعتبار أن يكون العمل أيضا في حال حياته، فلا. وأما ما ذكرناه أخيرا من الوجه لعدم جواز تقليد الميت، فهو أيضا لا يجري في البقاء، فان القول - بجواز البقاء على تقليد الميت - لا يستلزم الانحصار المزبور، كما هو واضح، فلم يثبت ردع من الشارع عن السيرة القائمة على الرجوع إلى رأي العالم، ولو بعد موته، بل لو أغمضنا النظر عن السيرة، تكفي في إثبات بقاء حجية رأي المفتي - بعد مماته في حق من تعلم منه الاحكام في زمان حياته - الاطلاقات الدالة على حجية الفتوى، فان مقتضاها جواز العمل برأي من تعلم منه الاحكام في حياته مطلقا ولو بعد مماته. هذا تمام الكلام في المقام الأول.
و (أما المقام الثاني) وهو ما إذا علم الاختلاف بين الميت والحي تفصيلا أو اجمالا ففي مورد التقليد الابتدائي لا يجوز الرجوع إلى فتوى الميت، سواء كان أعلم من الحي أم كان الحي أعلم منه، لما تقدم من اعتبار الحياة في المفتي بالنسبة إلى التقليد الابتدائي وأما في مورد البقاء، فحيث أنه لا دليل على اعتبار الحياة في المفتي حال العمل برأيه، فان كان الحي أعلم من الميت يجب الرجوع إليه، لعدم اعتبار فتوى غير الأعلم في صورة العلم بمخالفته لفتوى الأعلم، كما تقدم. وبذلك يظهر حكم ما لو كان الميت أعلم من الحي، فإنه يجب البقاء حينئذ. ودعوى الاجماع - على عدم وجوب البقاء، وأن الامر دائر بين جواز البقاء ووجوب العدول - غير مسموعة، لعدم ثبوت هذا الاجماع، لعدم كون هذه المسألة معنونة في كلمات كثير من القدماء. نم لو كانت فتوى غير الأعلم موافقة للاحتياط، جاز العمل على طبقها من باب الاحتياط لا لجواز