مع كون الشك متأخرا عن اليقين زمانا، فيكون بالزمان في موارد القاعدة قيدا للمتيقن، وفى موارد الاستصحاب ظرفا لا قيدا، فكيف يمكن اعتبار كون الزمان قيدا وغير قيد في دليل واحد؟
هذه هي الوجوه التي ذكرها العلامة النائيني (ره) لاختصاص الاخبار بالاستصحاب وعدم شمولها للقاعدة. وللنظر في كل واحد منها مجال واسع.
(أما الوجه الأول) ففيه أن الموضوع هو اليقين المتعقب بالشك. وحكمه حرمة نقضه به. وكون الحدث محرزا أو غير محرز مما لا دخل له في الحكم المذكور، بل هما من خصوصيات الموارد، إذ الشك المسبوق باليقين قد يكون متعلقا ببقاء ما تعلق به اليقين، فيكون حدوثه محرزا باليقين في ظرف الشك، وقد يكون متعلقا بعين ما تعلق به اليقين، فيكون حدوثه غير محرز، لكون الشك متعلقا بحدوثه.
والاختلاف الناشئ من خصوصيات الموارد لا يمنع عن التمسك باطلاق القضية الدالة على حرمة نقض اليقين بالشك، كما أن اختلاف خصوصيات موارد الاستصحاب لا يمنع عن شمول اطلاق أدلته لها، فيكون مفاد قوله (ع): " لا تنقض... " هو الغاء للشك تعبدا، فان كان متعلقا بالبقاء فمفاده التعبد بالبقاء، وان كان متعلقا بالحدوث فمفاده التعبد بالحدوث.
و (أما الوجه الثاني) ففيه أن اليقين في موارد القاعدة أيضا كان موجودا، فلا مانع من شمول الاخبار لها حال وجود لليقين، فالمتيقن بوجود شئ مكلف بعدم نقض يقينه بالشك، سواء كان الشك متعلقا بالبقاء أو بالحدوث. وما ذكره - من أن طريقية اليقين قد زالت في موارد القاعدة بتبدله بالشك - مدفوع بأن الطريقية الوجدانية مفقودة في مورد الاستصحاب أيضا، لكون الشك متعلقا بالبقاء - ومجرد اليقين بالحدوث لا يكون طريقا وجدانيا إلى البقاء، كما هو ظاهر. وأما الطريقية