كانت رجله نجسة في هذا الحال، ولو كان الماء الثاني نجسا كان وجهه نجسا، ولا دافع لهذا العلم الاجمالي بعد كون الاستصحاب مبتلى بالمعارض، فيكون الحكم المنصوص على وفق القاعدة من هذه الجهة، لا من جهة الاستصحاب على ما ذكره صاحب الكفاية (ره).
ويمكن الجواب عنه، بأن العلم الاجمالي المذكور غير مانع عن الوضوء بهما مع تكرار الصلاة، بأن توضأ بأحدهما وصلى، ثم غسل المواضع بالآخر وتوضأ به وصلى، فإنه حينئذ يعلم تفصيلا باتيان صلاة صحيحة، ولا أثر للعلم الاجمالي المذكور بعد العلم بصحة الصلاة.
إلا أن يقال: إن التوضي بهما على الكيفية المذكورة حرج على المكلف، إذ يجب عليه تطهير بدنه وثوبه وغيرهما مما وصل إليه ماء الوضوء للصلوات الآتية، إذ كل ما وصل إليه ماء الوضوء من البدن والثوب يكون طرفا للعلم الاجمالي. ولكنه قد ذكرنا غير مرة أن الحرج شخصي، فيكون الحكم المنصوص مطابقا للقاعدة بالنسبة إلى من يوجب التوضي بهما - على الكيفية المذكورة - حرجا عليه دون غيره، كمن يعلم بأنه يتمكن من تطهير بدنه وثوبه بماء جار بلا لزوم حرج عليه.
فتحصل مما ذكرناه أن الحكم المنصوص تعبدي إلا في بعض الموارد من جهة الحرج.
(التنبيه الحادي عشر) - في استصحاب الصحة عند الشك في المانع.
إعلم أنه ذكر الشيخ (ره) ما ملخصه: أنه إذا شك في مانعية شئ للصلاة مثلا، لا يجري استصحاب الصحة لرفع الشك في مانعية هذا الشئ، لان الصحة - بمعنى تمامية مجموع الاجزاء والشرائط - مشكوكة الحدوث، لاحتمال اعتبار هذا الجزء العدمي فيها، فلا علم لنا بحدوث الصحة حتى نحكم ببقائها للاستصحاب.