على الكرية، من أنه إن أجري الاستصحاب في مفاد كان الناقصة: بأن يقال إن هذا الماء كان كرا فالآن كما كان، فيحكم بطهارة المتنجس المغسول به، لان طهارته تتوقف على أمرين: كرية الماء، والغسل فيه، وثبت الأول بالاستصحاب والثاني بالوجدان، فيحكم بطهارته، بخلاف ما إذا أجري الاستصحاب في مفاد كان التامة: بأن يقال كان الكر موجودا والآن كما كان، فإنه لا يترتب على هذا الاستصحاب الحكم بطهارة المتنجس إلا على القول بالأصل المثبت، لان المعلوم بالوجدان هو غسله بهذا الماء وكريته ليست من اللوازم الشرعية لوجود الكر، بل من اللوازم العقلية له.
وفى هذا الجواب أيضا مناقشة ظاهرة، إذ يمكن جريان الاستصحاب في مفاد كان الناقصة مع عدم تعيين موضع النجاسة، بأن نشير إلى الموضع الواقعي، ونقول:
خيط من هذا العباء كان نجسا والآن كما كان، أو نقول: طرف من هذا العباء كان نجسا والآن كما كان، فهذا الخيط أو الطرف محكوم بالنجاسة للاستصحاب والملاقاة ثابتة بالوجدان، إذ المفروض تحقق الملاقاة مع طرفي العباء، فيحكم بنجاسة الملاقي لا محالة.
وما ذكره (ره) - من أنه لا يمكن جريان الاستصحاب بنحو مفاد كان الناقصة لان أحد طرفي العباء مقطوع الطهارة والطرف الآخر مشكوك النجاسة من أول الامر - جار في جميع صور استصحاب الكلي، لعدم العلم بالخصوصية في جميعها، ففي مسألة دوران الامر بين الحدث الأكبر والأصغر يكون الحدث الأصغر مقطوع الارتفاع بعد الوضوء، والحدث الأكبر مشكوك الحدوث من أول الامر، وهذا غير مانع عن جريان الاستصحاب في الكلي، لتمامية أركانه من اليقين والشك.
فالانصاف في مثل مسألة العباء هو الحكم بنجاسة الملاقي لا لرفع اليد عن الحكم