كما في الصابون الذي يؤتى به من الخارج ويحتمل كونه مصنوعا من شحم الخنزير والميتة، فإنه محكوم بالطهارة فعلا لقاعدة الطهارة، فإذا عرضت له النجاسة فغسلناه، فلا محالة نشك في طهارته، لاحتمال كونه مصنوعا من نجس العين، ولكنه مع ذلك محكوم بالطهارة بعد الغسل، ولا مجال لجريان استصحاب الكلي حتى على القول بعدم جريان الاستصحاب في العدم الأزلي، لأنه قبل طرو النجاسة العرضية عليه كان محكوما بالطهارة لقاعدة الطهارة، وبعد كونه طاهرا بالتعبد الشرعي يجري عليه أحكام الطاهر.
ومن جملتها أنه يطهر من النجاسة العرضية بالتطهير، وبالجملة بعد الحكم بكونه طاهرا بالتعبد الشرعي يدخل تحت العمومات الدالة على أن المتنجسات تطهر بوصول المطر أو الماء الجاري إليها، فلا مجال لجريان استصحاب الكلي، لكونه محكوما بالأصل الموضوعي. هذا تمام الكلام في القسم الثاني من استصحاب الكلي.
و (أما القسم الثالث)، فقد يتوهم جريان الاستصحاب فيه، بدعوى تمامية أركانه من اليقين والشك بالنسبة إلى الكلي، واختار الشيخ (ره) التفصيل بين احتمال حدوث فرد آخر مقارن مع حدوث الفرد المعلوم، واحتمال حدوثه مقارنا مع ارتفاع الفرد الأول، فقال بجريان الاستصحاب في الأول دون الثاني، بدعوى أنه في الصورة الأولى يكون الكلي المعلوم سابقا مرددا بين أن يكون وجوده على نحو لا يرتفع بارتفاع الفرد المعلوم ارتفاعه، وأن يكون على نحو يرتفع بارتفاع ذلك الفرد، فيحتمل كون الثابت في الان اللاحق عين الموجود سابقا، فيجري الاستصحاب فيه، بخلاف الصورة الثانية، فان الكلي المعلوم سابقا قد ارتفع يقينا، ووجوده في ضمن فرد آخر مشكوك الحدوث من الأول، فلا يمكن جريان الاستصحاب فيه.
والصحيح عدم جريان الاستصحاب في الصورتين، لان الكلي لا وجود له إلا في ضمن الفرد، فهو حين وجوده متخصص بإحدى الخصوصيات الفردية، فالعلم