في جميع الأشياء لكونها مختلفة في البقاء غاية الاختلاف فبعضها آني البقاء وبعضها يبقى إلى ساعة وبعضها إلى يوم وهكذا - مستلزم لكون أدلة الاستصحاب من الامارات الدالة على الملازمة الواقفية بين بين الحدوث والبقاء، وبعد إثبات هذه الملازمة، تكون الامارة الدالة على الثبوت دالة على البقاء، إذ الدليل على الملزوم دليل على اللازم، والاخبار عن الملزوم اخبار عن اللازم وان كان المخبر غير ملتفت إلى الملازمة، كما سيجئ في بحث الأصل المثبت انشاء الله تعالى، فيكون التعبد بالبقاء تعبدا به للامارة لا للأصل العملي المجعول في ظرف الشك، فينقلب الاستصحاب امارة بعد كونه من الأصول العملية، وتكون الملازمة في المقام نظير الملازمة الواقعية الثابتة بين قصر الصلاة وإفطار الصوم بمقتضى الروايات الدالة على أنه كلما أفطرت قصرت وكلما قصرت أفطرت، فبعد ثبوت هذه الملازمة يكون الدليل على وجوب القصر دالا على وجوب الافطار وبالعكس، فكذا في المقام بعد ثبوت الملازمة الواقعية بين الحدوث والبقاء بمقتضى أدلة الاستصحاب يكون نفس الدليل على الحدوث دليلا على البقاء، فيكون التعبد بالبقاء تعبدا به للامارة لا للأصل العملي. وإن كان المراد من الملازمة هي الملازمة الظاهرية بين الحدوث والبقاء، فلازمه الملازمة الظاهرية بين حدوث التنجيز وبقائه، ولا يمكن الالتزام بها، إذ في موارد العلم الاجمالي بالحرمة مثلا يكون التكليف منجزا، ثم لو قامت بينة على حرمة بعض الأطراف بالخصوص ينحل العلم الاجمالي، وبانحلاله يرتفع التنجز، فإنه تابع للمنجز ومقدر بقدره، فلا ملازمة بين حدوث التنجيز وبقائه ولا يلتزم بها صاحب الكفاية (ره) أيضا، فإنه وغيره أجابوا - عن استدلال الأخباريين لوجوب الاحتياط بالعلم الاجمالي بواجبات ومحرمات كثيرة - بأن العلم الاجمالي قد انحل بالظفر بالمقدار المعلوم بالاجمال من الواجبات والمحرمات، وبعد انحلاله تنقلب الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالي إلى الشبهة البدوية، فيرجع إلى البراءة وهذا الجواب ينادي بعدم الملازمة
(٩٨)