منتفية يقينا. هذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح الاشكال.
وقد أجاب عنه صاحب الكفاية (ره) بأن اعتبار اليقين إنما هو لأجل التعبد بالبقاء لا بالحدوث، فمفاد أدلة الاستصحاب هو جعل الملازمة بين الحدوث والبقاء، فيكفي في جريان الاستصحاب الشك في البقاء على تقدير الثبوت، ولا يلزم الشك الفعلي في البقاء، فان صدق الشرطية لا يتوقف على صدق طرفيها. ثم استشكل على نفسه بأنه اليقين جعل موضوع الاستصحاب في لسان الأدلة، فكيف يصح جريانه مع عدم اليقين؟ فأجاب بأن اليقين المأخوذ في أدلة الاستصحاب ليس موضوعا لاستصحاب، بل طريق إلى الثبوت، فيكون التعبد بالبقاء مبنيا على الثبوت لا على اليقين بالثبوت، وذكر اليقين في أدلة الاستصحاب لمجرد كونه طريقا إلى الثبوت، ففيما إذا قامت الامارة على الثبوت يتعبد بالثبوت للامارة، وبالبقاء لأدلة الاستصحاب الدالة على الملازمة بين الثبوت والبقاء.
وفيه (أولا) - أن ظاهر أدلة الاستصحاب كون اليقين موضوعا له كالشك، ولا تنافي بين كونه موضعا للاستصحاب وطريقا إلى متعلقه. ولا اشكال في أن اليقين في مورد الاستصحاب طريقي بالنسبة إلى متعلقه، لكنه موضوعي بالنسبة إلى الاستصحاب وعدم جواز نقض اليقين بالشك، لما ذكرنا سابقا من أن قوله (ع):
" لا ينبغي نقض اليقين بالشك " راجع إلى القضية الارتكازية، وهي أن الامر المبرم لا يرفع اليد عنه لأمر غير مبرم. والمراد من الامر المبرم في المقام هو اليقين، ومن غير المبرم هو الشك، فلابد من وجود اليقين والشك.
و (ثانيا) - أن الملازمة المدعاة بين الثبوت والبقاء في كلامه ان كان المراد منها الملازمة الواقعية بأن يكون مفاد أدلة الاستصحاب هو الاخبار عن الملازمة الواقعية بين الحدوث والبقاء فهو - مع كونه مخالفا للواقع، لعدم الملازمة بين الحدوث والبقاء