الغيري موجود أم لا؟
الثالثة: على تقدير ثبوت المقتضي له هل هنا مانع عن اتصافها به أم لا؟
أما الجهة الأولى فقد يطلق المقدمة ويراد بها ما يكون وجوده في الخارج غير وجود ذيها بأن يكون فيه وجودان: أحدهما للمقدمة، والآخر لذي المقدمة، غاية الأمر أن وجود الثاني يتوقف على وجود الأول. وقد يطلق ويراد بها مطلق ما يتوقف عليه وجود الشئ وإن لم يكن وجوده في الخارج غير وجود ذيه.
أما المقدمة بالإطلاق الأول فلا تصدق على الأجزاء، بداهة أن وجود الأجزاء في الخارج ليس مغايرا لوجود الكل، بل وجوده فيه عين وجود أجزائه بالأسر، فإنها إنما تغايره إذا لوحظت لا بشرط، وأما إذا لوحظت بشرط شئ فهي عينه، حيث إنه هو الأجزاء الملحوظة كذلك. والسر فيه واضح، وهو: أن التركيب بينها اعتباري فلا وجود له خارجا ما عدا وجود أجزائه فيه.
وإن شئت قلت: إن في الخارج وجودا واحدا، وذلك الوجود الواحد كما يضاف إلى الكل فيكون وجودا له كذلك يضاف إلى الأجزاء، وليس فيه وجودان أحدهما مقدمة للآخر.
وأما المقدمة بالإطلاق الثاني فتشمل الأجزاء أيضا، لوضوح أن وجود الكل يتوقف على وجود أجزائه، وأما وجودها فلا يتوقف على وجوده، وذلك كالواحد بالإضافة إلى الاثنين حيث إن وجود الاثنين يتوقف على وجود الواحد دون العكس.
وعلى الجملة: فبما أن وجود الجزء يتقدم على وجود الكل طبعا فبطبيعة الحال لا يعقل وجوده بدون وجوده دون العكس، وهذا معنى كونه مقدمة له.
فالنتيجة: أنه لا إشكال في صدق المقدمة بالإطلاق الثاني على الأجزاء.
وأما الجهة الثانية فقد أفاد المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) في هامش الكفاية ما حاصله: هو أنه لا مقتضى لاتصاف الأجزاء بالوجوب الغيري أصلا. والسبب