الشارع جعل متعلق أمره حصة خاصة منه، وهي الحصة المتقيدة به لا مطلقا، مثلا:
معنى كون الطهارة شرطا للصلاة: هو أن الأمر تعلق بحصة خاصة منها، وهي الحصة المتقيدة بها لا مطلقا، فيكون القيد كالجزء، فكما أن الجزء متعلق للأمر النفسي فكذلك القيد فلا فرق بينهما من هذه الناحية. هذا من جانب.
ومن جانب آخر: كما أنه لا مانع من تأخر بعض أجزاء الواجب عن بعضها الآخر ولا محذور فيه أبدا، وأن الأمر تعلق بالمجموع من المتقدم والمتأخر ولا يمكن امتثاله إلا بالإتيان بالجميع - كما هو الحال في أجزاء الصلاة - كذلك لا مانع من تأخر بعض القيود عن الواجب فإن مرجعه إلى أن الواجب هو الحصة المتقيدة به، فحاله حال الجزء الأخير من هذه الناحية، فكما أن الواجب لا يحصل في الخارج إلا بحصول الجزء الأخير فكذلك لا يحصل إلا بحصول قيده المتأخر.
ومن هنا لو قلنا باشتراط صوم النهار بالغسل المتأخر - وهو الغسل في الليل - فلا يمكن امتثاله بدونه، فإن الواجب هو حصة خاصة من الصوم، وهي الحصة المتقيدة به. ومن الطبيعي أنه لا يمكن حصول المقيد في الخارج بدون حصول قيده (1).
وإن شئت قلت: إن مقامنا هذا ليس مقام التأثير والتأثر، لما عرفت من أن مرد كون شئ شرطا للمأمور به إلى كونه قيدا له، ومن الواضح أن قيد المأمور به قد يكون مقارنا له، وقد يكون متقدما عليه، وقد يكون متأخرا عنه، فكما لا يمكن حصول المأمور به بدون قيده المقارن أو المتقدم فكذلك لا يمكن حصوله بدون قيده المتأخر، فحال القيد المتأخر كالغسل المزبور - مثلا - حال الجزء الأخير من الواجب كالتسليم بالإضافة إلى الصلاة فإنهما مشتركان في نقطة واحدة، وهي توقف امتثال الواجب عليهما.
ويرد عليه أولا: أن هذا مناقض لما أفاده (قدس سره) سابقا من الفرق بين المقدمات الداخلية بالمعنى الأخص - وهي الأجزاء - والمقدمات الداخلية بالمعنى الأعم