في ذلك: هو أن ملاك الوجوب الغيري إنما هو فيما إذا كان وجود المقدمة غير وجود ذيها في الخارج ليقع البحث عن أن إيجاب الشارع ذي المقدمة هل يستلزم إيجابه مقدمته تبعا أم لا؟ وأما إذا كان وجودها عين وجود ذيها في الخارج كالجزء بالإضافة إلى الكل فلا ملاك لاتصافها به، لوضوح أنها واجبة بعين الوجوب المتعلق بالكل، وهو الوجوب النفسي، ومعه لا مقتضى لاتصافها به، بل هو لغو محض (1).
وهذا الذي أفاده (قدس سره) في غاية الصحة والمتانة، بداهة أنه لا موضوع لحكم العقل بالملازمة هنا بعد فرض أن الأجزاء نفس المركب في الخارج، وأحدهما عين الآخر وجودا ووجوبا، ومعه كيف يعقل وجود الملاك للوجوب الغيري فيها؟
وأما الجهة الثالثة فقد ادعى صاحب الكفاية وجود المانع عن اتصاف الأجزاء بالوجوب الغيري على فرض ثبوت المقتضي له، وهو لزوم اجتماع المثلين (2)، وذلك لأن الأجزاء بشرط الاجتماع واجبة بوجوب نفسي، ومع ذلك لو وجبت بوجوب غيري لزم اجتماع حكمين متماثلين في شئ واحد، وهو محال حتى لو قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي في مورد التصادق والاجتماع. والسبب فيه: هو أن القول بالجواز هناك يرتكز على كون الجهتين تقييديتين، وأما إذا كانتا تعليليتين فلا يمكن القول به، وبما أن الجهة فيما نحن فيه تعليلية - وهي عنوان المقدمة - ولم تكن تقييدية فلا يمكن القول بالاجتماع فيه.
ولنأخذ بالنقد عليه بيانه: أن ما أفاده (قدس سره) من المانع في فرض ثبوت المقتضي لا يصلح أن يكون مانعا، والسبب في ذلك: هو أن اجتماع الحكمين المذكورين في شئ واحد لا يؤدي إلى اجتماع المثلين، بل يؤدي إلى اندكاك أحدهما في الآخر فيصيران حكما واحدا مؤكدا، كما هو الحال في كل واجب نفسي يتوقف عليه واجب نفسي آخر، كصلاة الظهر بالإضافة إلى صلاة العصر حيث إنها واجبة بحد ذاتها نفسا - أي: سواء أكان هناك واجب آخر أم لا - وواجبة بالإضافة إلى