داع من تلك الدواعي لكانت صحيحة، ولا خصوصية لواحد منها بالإضافة إلى الآخر أصلا.
ثم لو تنزلنا عن ذلك وسلمنا أن أخذ الجامع القربى في متعلق الأمر أيضا مستحيل ولكن للمولى التوصل إلى غرضه في الواجبات العبادية بأخذ ما يلازم قصد الأمر فيها.
بيان ذلك: أن كل عمل صادر عن الفاعل المختار لابد أن يكون صدوره عن داع من الدواعي التي تدعو المكلف نحو العمل وتبعث نحوه، ومن الواضح أن الداعي لا يخلو: من أن يكون داعيا نفسانيا، أو يكون داعيا إلهيا، فلا ثالث لهما، وعليه فلو أخذ المولى في متعلق أمره عدم إتيانه بداع نفساني فقد وصل به إلى غرضه، حيث إن هذا العنوان العدمي ملازم لإتيان الفعل المأمور به مضافا به إلى المولى.
مثلا: لو أمر بالصلاة مقيدة بعدم إتيانها بداع من الدواعي النفسانية فقد أخذ في متعلق أمره عنوانا عدميا ملازما لإتيان الصلاة بداع إلهي، وبهذه الطريقة يتمكن المولى أن يتوصل إلى غرضه.
ولكن قد أورد عليه شيخنا الأستاذ (قدس سره): بأنه لو فرض محالا انفكاك العمل العبادي المعنون بالعنوان المذكور عن الدواعي الإلهية وبالعكس لزم كون العبادة صحيحة على الأول وباطلة على الثاني، وهذا مما لا يعقل أن يلتزم به فقيه قطعا، بداهة صحة العبادة مع قصد القربة وإن لم يتحقق العنوان المزبور، وعدم تعقل صحتها بدونه وإن تحقق ذلك العنوان (1).
وغير خفي أن غرض المولى من أخذ ذلك العنوان الملازم في العبادات إنما هو التوصل به إلى غرضه خارجا، وحيث إن عدم الإتيان بالعبادة بداع نفساني في الخارج ملازم للإتيان بها بداع إلهي ولا ينفك أحدهما عن الآخر خارجا فلا مانع من اعتباره فيها توصلا إلى مقصوده.