وأما النحو الثالث: وهو ما يكون بعض أجزائه تعبديا وبعضها الآخر توصليا فهو أمر ممكن في نفسه ولا مانع منه، إلا أنا لم نجد لذلك مصداقا في الواجبات التعبدية الأولية: كالصلاة والصوم وما شاكلها حيث إنها واجبات تعبدية بكافة أجزائها.
ولكن يمكن فرض وجوده في الواجبات العرضية، وذلك كما إذا افترضنا أن واحدا - مثلا - نذر بصيغة شرعية الصلاة مع إعطاء درهم لفقير على نحو العموم المجموعي بحيث يكون المجموع بما هو المجموع واجبا، وكان كل منهما جزء الواجب فعندئذ بطبيعة الحال يكون مثل هذا الواجب مركبا من جزءين: أحدهما تعبدي وهو الصلاة. وثانيهما توصلي وهو إعطاء الدرهم. وكذلك يمكن وجوب مثل هذا المركب بعهد أو يمين أو شرط في ضمن عقد أو نحو ذلك.
فالنتيجة: أنه لا مانع من الالتزام بهذا القسم من الواجب التعبدي إذا ساعدنا الدليل عليه. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن الأمر المتعلق بالمركب من عدة أمور فبطبيعة الحال ينحل بحسب التحليل إلى الأمر بأجزائه وينبسط على المجموع، فيكون كل جزء منه متعلقا لأمر ضمني ومأمورا به بذلك الأمر الضمني. مثلا: الأمر المتعلق بالصلاة ينحل بحسب الواقع إلى الأمر بكل جزء منها، ويكون لكل منها حصة منه المعبر عنها بالأمر الضمني، ومرد ذلك إلى انحلال الأمر الاستقلالي إلى عدة أوامر ضمنية حسب تعدد الأجزاء.
ولكن هذا الأمر الضمني الثابت للأجزاء لم يثبت لها على نحو الإطلاق، مثلا:
الأمر الضمني المتعلق بالتكبيرة لم يتعلق بها على نحو الإطلاق، بل تعلق بحصة خاصة منها، وهي ما كانت مسبوقة بالقراءة، وكذا الأمر الضمني المتعلق بالقراءة فإنه إنما تعلق بحصة خاصة منها، وهي ما كانت مسبوقة بالركوع وملحوقة بالتكبيرة، وكذلك الحال في الركوع والسجود ونحوهما.
وعلى ضوء ذلك يترتب أن المكلف لا يتمكن من الإتيان بالتكبيرة - مثلا -