يلزم من جعل الطرق نقض غرض، ولا اجتماع الضدين، كما هو ظاهر. لكن - بناء عليه - [تبقى] الشبهة الأخيرة [بحالها]، وإن كان [أمرها] سهلا، لعدم قبح في تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة مع الجبران، ولو من جهة اقتضاء مصلحة أخرى أهم من الأولى، فيجوز العقل [تفويتها] بلا قبح، بل قد يجب التفويت، كما لا يخفى.
نعم، الذي يرد عليه هو [لزوم] رفع اليد عن ظهور الخطابات الواقعية في [فعليتها]، حتى بمقدار استعداده الذي هو أزيد من الانشاء المحض. وحينئذ يلزم تأثير العلم بها [في البلوغ] إلى مرتبة الفعلية، أو عدم وجوب امتثالها، حتى مع العلم بها. والثاني باطل جزما، وكذا الأول، لأن مرجع تأثير العلم في الفعلية كون الفعلية المزبورة طارئة على الخطابات في رتبة آبية عن شمول الخطاب بمضمونه في هذه الرتبة، لاستحالة شمول الخطاب مرتبة العلم بنفسه، كعدم شموله مرتبة الجهل بنفسه. وحينئذ يستحيل أخذ هذه الفعلية في مضمون الخطاب، ومرجعه حينئذ إلى جعل الخطابات بمرتبة، وفعلية الإرادة على طبق مضمونها بمرتبة أخرى بلا صلاحية دلالة مثل هذه الخطابات بمضمونها [على] هذه الفعلية، بل لا محيص من دال آخر عليها غير هذه الخطابات وحاك عن انقلاب العلوم الطريقية المنجزة إلى الموضوعية بالإضافة إلى المرتبة السابقة [على] رتبة التنجز.
ولعمري إن الفطرة الأولية تأبى عن الالتزام بهذا المعنى، بل العقلاء يرون العلم بالخطاب منجزا له بلا توسيط البلوغ إلى مرتبة أخرى، كما هو شأن العلوم الطريقية في خطاباتهم.
وكيف كان نقول: إن التحقيق في الجواب [أن] يقال - بعد حفظ ظهور الخطابات الواقعية على فعليتها -: إن مرجع فعلية [مضمون] الخطاب إلى إرادة المولى حفظ مرامه بمقدار استعداد خطابه، وهو ليس إلا حفظ المقصود بجميع