وعليه فسوق النزاع في جعلية الأحكام الوضعية [مساق] جعلية الحكم التكليفي بظاهره ليس في محله.
نعم لو [كانت] جهة التنظير إلى مجرد كون قوام الحكمين بإنشاء من الحاكم على وجه لا يكاد [يتحققان] بدون إنشائه وإن اختلفا في كيفية قصد التوصل [بهما]، كان له وجه.
وحيث اتضح ذلك فنقول: إنه لا شبهة في جعلية الحكم التكليفي بالمعنى المزبور، وإنما الكلام في جعلية الأحكام الوضعية، [واختلف فيها] على أقوال.
وتحقيق الحق فيه أن يقال:
إن الأحكام الوضعية ليست بمساق واحد وطريق فارد:
فمنها: ما هو حاك عن نحو ارتباط بين أمور ناش عن تعلق التكليف بها، نظير جزئية الشئ للواجب أو الكلية الحاكية عن جهة وحدة [لشتات] ناشئة عن قبل وحدة التكليف فيها بحيث لو لم يكن في البين تكليف لما [كان لهذه] الوحدة مجال، وإن كانت له جهة الوحدة من ألف جهة أخرى، فهي منتزعة عن التكليف، ويستحيل وقوع [مثلها] بحيث يكون جعلا مستقلا أو تبعا، إذ من البديهي كفاية انتزاعها من مجرد جعل التكليف المتعلق بأمور متعددة بلا نظر في جعله إلى جعل شئ آخر حتى تبعا في عالم لحاظه. ومن هذا القبيل عنوان الصحة والفساد [الحاكيان] عن حيثية موافقة الشئ للأمر ومخالفته له.
ومنها: ما هو منتزع عن الربط الحاصل من النظر إليه في مقام جعل التكليف، نظير إناطة الوجوب بشئ يكون في مقام إنشاء التكليف ملحوظا أيضا تبعا، بحيث لو لم يلحظ ذلك في مرحلة إنشاء التكليف لما يكاد يتحقق مثل تلك الإناطة، نظير عنوان الاستطاعة للوجوب المنتزع عن إنشائه منوطا به على وجه [تكون] تلك الإناطة تحت النظر الانشائي ولو تبعا، فهو من المجعولات التبعية