الحكم الثابت لموضوع في زمان، له بعينه في زمان آخر، من دون تغير واختلاف في صفة الموضوع سابقا ولاحقا - كما يشهد له تمثيلهم بعدم الاعتماد على حياة زيد أو بقاء البلد على ساحل البحر بعد الغيبة عنهما - وأهملوا (1) قاعدة " البناء على اليقين السابق "، لعدم دلالة العقل عليه ولا النقل، بناء على عدم التفاتهم إلى الأخبار المذكورة، لقصور دلالتها عندهم ببعض ما أشرنا إليه سابقا (2)، أو لغفلتهم عنها، على أبعد الاحتمالات (3) عن ساحة من هو دونهم في الفضل.
وهذا المحدث قد سلم دلالة الأخبار على وجوب البناء على اليقين السابق وحرمة نقضه مع اتحاد الموضوع (4)، إلا أنه ادعى تغاير موضوع المسألة المتيقنة والمسألة المشكوكة، فالحكم فيها بالحكم السابق ليس بناء على اليقين السابق، وعدم الحكم به ليس نقضا له.
فيرد عليه:
أولا: النقض بالموارد التي ادعى الإجماع والضرورة على اعتبار الاستصحاب فيها - كما حكيناها عنه سابقا (5) - فإن منها: استصحاب الليل والنهار، فإن كون الزمان المشكوك ليلا أو نهارا أشد تغايرا واختلافا مع كون الزمان السابق كذلك، من ثبوت خيار الغبن أو