بالحكم مستفاد من صغرى وجدانية، وهي: " هذا ما أدى إليه ظني "، وكبرى برهانية، وهي: " كل ما أدى إليه ظني فهو حكم الله في حقي "، فإن الحكم المعلوم منهما هو الحكم الظاهري -، فإذا كان مفاد الأصل ثبوت الإباحة للفعل الغير المعلوم الحرمة ومفاد دليل تلك الأمارة ثبوت الحرمة للفعل المظنون الحرمة، كانا متعارضين لا محالة، فإذا بني على العمل بتلك الأمارة كان فيه خروج عن عموم الأصل وتخصيص له لا محالة.
هذا، ولكن التحقيق: أن دليل تلك الأمارة وإن لم يكن كالدليل العلمي رافعا لموضوع الأصل، إلا أنه نزل شرعا منزلة الرافع، فهو حاكم على الأصل لا مخصص له، كما سيتضح (1) إن شاء الله تعالى.
على: أن ذلك إنما يتم بالنسبة إلى الأدلة الشرعية، وأما الأدلة العقلية القائمة على البراءة والاشتغال فارتفاع موضوعها بعد ورود الأدلة الظنية واضح، لجواز الاقتناع بها في مقام البيان وانتهاضها رافعا لاحتمال العقاب كما هو ظاهر. وأما التخيير فهو أصل عقلي لا غير (2).
واعلم: أن المقصود بالكلام في هذه الرسالة (3) الأصول المتضمنة لحكم الشبهة في الحكم الفرعي الكلي وإن تضمنت حكم الشبهة في الموضوع أيضا، وهي منحصرة في أربعة: " أصل البراءة "، و " أصل الاحتياط "، و " التخيير "، و " الاستصحاب " بناء على كونه ظاهريا ثبت