الحقائق العرفية:
إن طريق ضبطه أن يقال: لا ريب أنه إذا اخذ مرتبة عليا من مراتب العدد كألف مثلا، قطع بأنه مما لا يحصر ولا يعد عادة، لعسر ذلك في الزمان القصير، فيجعل طرفا، ويؤخذ مرتبة أخرى دنيا جدا كالثلاثة يقطع بأنها محصورة، لسهولة عدها في الزمان اليسير، وما بينهما من الوسائط كلما جرى مجرى الطرف الأول الحق به، وكذا ما جرى مجرى الطرف الثاني الحق به، وما يعرض فيه الشك يعرض على القوانين والنظائر، ويراجع فيه القلب، فإن غلب على الظن إلحاقه بأحد الطرفين فذاك، وإلا عمل فيه بالاستصحاب إلى أن يعلم الناقل.
وبهذا ينضبط كل ما ليس بمحصور شرعا في أبواب الطهارة والنكاح وغيرهما (1).
أقول: وللنظر فيما ذكره (قدس سره) مجال.
أما أولا: فلأن جعل الألف من غير المحصور مناف لما عللوا عدم وجوب الاجتناب به: من لزوم العسر في الاجتناب، فإنا إذا فرضنا بيتا عشرين ذراعا في عشرين ذراعا، وعلم بنجاسة جزء يسير منه يصح السجود عليه نسبته إلى البيت نسبة الواحد إلى الألف، فأي عسر في الاجتناب عن هذا البيت والصلاة في بيت آخر؟ وأي فرق بين هذا الفرض، وبين أن يعلم بنجاسة ذراع منه أو ذراعين مما يوجب حصر الشبهة؟ فإن سهولة الاجتناب وعسره لا يتفاوت بكون المعلوم إجمالا قليلا أو كثيرا. وكذا لو فرضنا أوقية من الطعام تبلغ ألف حبة بل أزيد