بعض الثقات العارفين فميا يفهمونه من الأدلة الأعرف فالأعرف والأعدل فالاعدل بالمشافهة أو بالواسطة وان تعذر ذلك رجع إلى الظنون الحدسية الاستقرائية وخبر الفاسق وغيرها الا ما دخل في اسم القياس في وجه قوي وإذا تعذر الجميع وجبت الهجرة عن تلك الديار وربما قيل بالوجوب في جميع أقسام الاضطرار ومع تعدد المرجع واتفاق الفضيلة يتخير في الرجوع إلى ما شاء ومع التفاوت وعدم العلم بالاختلاف يتخير بين الفاضل والمفضول والأحوط تعيين الفاضل مع الامكان ولا سيما في البلد الواحد ومع العلم بالاختلاف في المسألة يتعين الاخذ بقول الفاضل وإذا قلد مجتهدا في مسألة تقليد عامل لا مستخبر عمل أولا لم يجز له العدول إلى غيره في تلك المسألة وإن كان الثاني أفضل ولا باس بان يقلد متعددين في مسائل متعددة في عبادة واحدة أو متعددة صلاة أو غيرها ما لم يقض صحة إحديهما بفساد الأخرى فتلخص حينئذ بالمسألة الواحدة يتخير فيها مع عدم السبق والا تعين العمل على التقليد السابق ولو كان في يده كتاب يريد العمل به ولم يشخص مسائله لم يكن مقلدا الا تلك المسائل التي علم بها أو علمها للعمل ولو قلد مجتهدا لم يجز له الفتوى بقول غيره ويجوز له بل للمجتهد نقل فتوى غيره وتقليد الميت بعد الموت أبعد في الجواز من تقليد المجتهد المجنون أو العارض له الجهل بعد جهله وجنونه ولا يسمى تقليدا ولو قلده حيا أو عاقلا ثم مات أو جن بقى على تقليده ولو تعارضت فضيلة العلم والصلاح وقوة الفهم والحفظ قدم العلم والفهم مع العدالة ولا يجب الرجوع إلى المجتهد في خصوصيات السنن مع العلم برجحانها على وجه العموم من اذكار أو دعوات أو قرائة مخصوصة أو زيارات أو صلاة أو صيام أو صدقات ونحوها من جهة خصوص زمان أو مكان أو جهة أو وضع أو نحوها بل يكفي في رجحانها المستند إلى الاحتياط في تحصيل أفضل الفردين أو الافراد قول الفقيه الواحد حيا أو ميتا وحصول مظنة في الجملة من اي جهة كانت عدا القياس في وجه قوى واما ما لم يعلم رجحان أصله كصلاة الأعرابي فلا تؤخذ من غير طريق شرعي والرواية الضعيفة هنا من الطرق الشرعية ما لم يعارضها دليل التحريم أو الكراهة وان ضعفا ولا يشترط في حجية الرواية الضعيفة اشتمالها على مقادير الثواب ومسألة الكراهة كالمسألة الندب - البحث الخمسون - في أن المرجع في اخذ الاحكام شرعياتها وعقلياتها وعادياتها لا يكون الا إلى طريق قاطع يكون مرآة كاشفه عن الواقع فالقطع بالحكم الشرعي بطريق عقلي أو سمعي يؤخذ من المعصوم مشافهة أو بواسطة لا يجوز عليها الخطاء أو من كتاب الله تعالى على وجه لا يكون في المقام احتمال الخلاف ولو ضعيفا من جهة الواسطة أو احتمال خلاف المراد من مداليل الألفاظ فمتى دخل الظن لم يجز الحكم لأنه لا يغني من الحق شيئا لكن قامت البديهة والسيرة القاطعة والاجماع وضرورة التكليف على الاكتفاء بالظن الناشئ عن الدلالة في كتاب أو متواتر أو اجماع لفظيين كما قامت على اعتبار القواعد الشرعية التي هي العمدة في اثبات الاحكام ودل الدليل على الاكتفاء بخبر العدل الواحد فضلا عن العدلين والعدول في ثبوت الموضوعات والأحكام الشرعية حيث يكون مخبرا عن علم ويقين ولو أخبر عن وهم أو شك أو ظن لم يكن من المخبرين فليس الرجوع إلى المجتهدين من القضاة والمفتين من جهة الرواية كما في الرواة والمحدثين فالفتوى والقضاء الا من المناصب المفوض أمرها إلى الأنبياء والأئمة (ع) دون من عداهم من الأمة لان الرجوع إلى الظان في خبر أو حكم مما لم يقم عليه البرهان والأصول والقواعد تقضي بخلافه حتى يقوم الدليل على خلافه وما دل على الرجوع إلى العلماء في قضاء أو افتاء لا يفهم منه سوى الرجوع إلى الاحياء والتمسك بالاستصحاب موقوف على حصول السؤال والجواب على أن ذلك من الممنوع لما فيه من تغير الموضوع وزعم اجراء الاستصحاب في حجية الكلام المنقول بعد الموت أو الرأي أو الكتابة من الأغلاط لأنها ليست بحجج الا مع تحقق معنى الرجوع فقد فات لان المقام من التعبد لا من المظنون الاجتهادية كالحاصل من كلام الراوي بل الافتاء كالقضاء مع أن في ذلك اختلال النظام كما لا يخفى على ذوي الأفهام والرجوع إلى الميت والمجنون والمغمى عليه والناسي والساهي والنائم قبل حصول الاتصاف رجوع إلى الحي والعاقل والصاحي والذاكر والمتفطن لان المدار في صدق تعلق الافعال بالموضوعات على زمان الاتصاف فيكون مشمولا للاخبار ومتمشيا فيه دليل الاستصحاب واصل العدم وما دل على أن احكام محمد صلى الله عليه وآله مستمر لا تنقض إلى الأبد مع أن فتواه تعلقت بالاستمرار فردها رد على الله تعالى ومتعلقها من حلال محمد وحرامه فيستمر واما بعد حصول الاتصاف فلا يجرى حكم الرجوع الا في محل القطع من الرجوع إليه أو إلى كتابه أو واسطته وقت الاتصاف لدخوله في معنى الرجوع فلا اعتماد على قول الميت بعد موته ولا كتابه ولا واسطته وكل ذلك سائغ في الحي لأنه من الرجوع بخلاف الأول وعلى القول بجوازه لا بد من تقليد الحي فيه ومنع الميت تقليد الميت لا يمنع تقليده مع تقليد الحي فيه ثم على تقدير الجواز كثير من كتب الفقهاء ليست من كتب الفتوى كما يظهر من التتبع ومن بعض ما ذكر يعلم عدم جواز تقليد مجتهد في حكم خاص بعد تقليد اخر فيه ومجرد العلم بالفتوى والاطلاع على المذهب مشافهة أو عن واسطة أو كتاب لا بقصد العمل ليس من التقليد وتمشى الاحكام والفتاوى من العلماء السابقين والمجتهدين الماضين المستمرة الآثار على مرور الاعصار أظهر من الشمس في رابعة النهار ولولا ذلك لسلبت الزوجة من بعلها وأخليت الدار من أهلها بعد مضي دهور وأعوام وذلك منفي بالسيرة القاطعة من العلماء والأعوام وهذا من تقليد الاحياء فلا تشمله أكثر عبارات العلماء وليس العمل بالروايات مع جبر (جر) الشهرة أو مع نقد النقدة ولا بالتعديل والجرح ولا بما في المصابيح والمزارات وبيان معاني الألفاظ الشرعية
(٤٢)