صلاح الدنيا والدلالة على التحريم لا يستلزم الدلالة على الفساد ولا يقتضيه إلا لأمر خارجي وهو ظهور إرادة عدم ترتب الأثر وهو الأخروي في العبادة والدنيوي في المعاملة وذلك مستتبع للفساد فتكون الدلالة في العبادة على الفساد من وجوه وفي المعاملة من وجهين وينكشف الحال بالنظر إلى النواهي الصادرة من كل مطاع إلى مطيع وفي استدلال الأئمة (ع) وأصحابهم بما في الكتاب أو الكتب السابقة أو كلام النبي صلى الله عليه وآله أو باقي الأنبياء عليهم السلام بما دل على النهي على الفساد كفاية في اثبات المطلوب فلا حاجة إلى الرجوع فيه إلى الاجماع على الحمل عليه ما لم يكن مناف له ولا إلى الشك في الدخول تحت العمومات ولا إلى الخروج عما اشتمل على لفظ التحليل ونحوه في بعض الأقسام ولا إلى لزوم منافاة الغرض لان الصحة ترغب إلى فعل المعصية ولا إلى أن المقام من المطالب اللغوية فيكفي قول الفقيه الواحد كما يكتفي بقول اللغوي الواحد لان القائلين منهم من أئمة اللغة والحاصل ان الأحكام الثلاثة من التحريم والكراهة بمعناها الحقيقي والإباحة تنافي بذاتها صحة العبادة والدال عليها بأي عبارة كان مفيد لفسادها بخلاف المعاملة فإنه لا ينافيها شئ منها لكن ما دل على النهي عنها بأي عبارة كان يفيد فسادها ظاهرا وإذا تعلق ما دل على الإباحة والكراهة بالعبادة أفاد صحتها لأنها لا يجوز الاتيان بها الا مع الصحة للزوم التشريع مع عدمها ثم الظاهر من شرطية الشرط ومانعية المانع وجوديتهما لا علميتهما من غير فرق بين الوضع والخطاب بين الامر بشئ والنهي عن شئ في عبادة أو معاملة الشرطية والمانعية دون مجرد الوجوب والتحريم البحث العشرون في أن للعموم صيغا تدل عليه حقيقة من غير حاجة إلى قرينة كما في جميع اللغات والا لزم الاتيان بالآحاد مفصلة وهو بين متعذر في كثير من المحال ومتعسر ولكان قول لا اله ولا خالق ولا واجب ولا نبي ولا كتاب ولا ثواب ولا عقاب في النشأتين لا يفيد فساد العقيدة كما أن قول لا إله إلا الله وان الله اله ورب ومعبود للكائنات أو للناس أو للخلائق أو لمن في الدنيا أو لما يكون منهم ومحمد نبي لهم وكل ما جاء به محمد صلى الله عليه وآله حق لا يدل على صحة العقيدة ومن قذف الخلائق أو من في الدار مع كون بعضهم ممن يجوز قذفه أو مقرونا بصيغة أخرى من صيغ العموم بالزناء واللواط والكفر لم يكن عاصيا ولا مؤاخذا ولم تكن الأقيسة المعتبر فيها العموم المشتملة على شئ من الصيغ بنفسها منتجة ولم يمكن تحصيل قاعدة في تطهير أو تحليل أو صحة أو فساد من عموم في كتاب أو سنة مستندا إلى مجرد الصيغ ولم يعد من قال جاء جميع الحاج أو أهل البيت وقد جاء بعضهم كاذبا ويجري مثله في العام المخصوص ان خص بمبين ولو خلى عن الدلالة مع الاطلاق لم يكن قول لا إله إلا الله توحيدا وان خص بمجمل وكان محصورا كان مجملا والا جاز التمسك به كما سيجيئ بيانه فالعام المجرد عن المخصص والمقرون به حجة في افراده وعليه بناء التخاطب من قديم الدهر وسالف العصر وعليه المدار غالبا في الانشاء والاخبار ومن تتبع محال الخطابات وامعن النظر في الروايات واستقراء ما في الاحتجاجات الواردة عن الأئمة الهداة عد ذلك من الضروريات والبديهيات ثم إن صيغة العموم ان تعلق بها مخصص واتصل اتصال الجزء كالصفة ونحوها لم يخرج عن الحقيقة ومع الانفصال بالمرة لكونه عقليا أو سمعيا مستقتلا فالأقوى المجازية واما متصل اللفظ منفصل المعنى كالاستثناء وبدل البعض مثلا فيقوى الحاقه بالقسم الثاني وإن كان الحاقه بالأول لا يخلو عن قوة ولعل القول بالتفصيل في أن المستعمل ان أراد الاستثناء في الجميع متجوزا في الاسناد والاخراج من الصورة كان حقيقة في الاستعمال مجازا في الاسناد وان قصد الاستعمال في البعض والاستثناء قرينة فتعين عليه معرفة المخرج قبل الاخراج بخلاف السابق كان مجازا ويجري هذا الكلام في المخصصات راجعة بتمامها إلى الأول أو راجعا بعضها إلى البعض وتختلف صيغ العموم في الدلالة قوة وضعفا فان تعارضت فقليل الافراد أقوى من كثيرها والدال بالمنطوق من حيث هو كذلك أقوى مما دل بالمفهوم مع عدم المرجح العارضي والمفاهيم مختلفة قوة وضعفا والعام من وجه خاص من وجه اخر إذا عارض مثله قدم ما قلت افراده على ما كثرت فيه كل ذلك بعد ملاحظة القوة والضعف من جميع الوجوه الداخلة والخارجة من حيث السند أو المتن واما الأخص فان حصل بينه وبين الأعم شرايط التناقض فالأخص أقوى متنا ومتى جمع شرايط الحجية وإن كان ظني الجهتين حكم على الأعم وإن كان قطعي الصدور وإن كان كثير الافراد كأحل لكم ما وراء ذلكم انما حرم عليكم الميتة ونحو ذلك وإن كان عمومه محكما احتاج الخاص في تخصيص قطعي الصدور من كتاب أو سنة أو اجماع منقولين لفظيين متواترين إلى الجابر من شهرة أو قاعدة لان المدار على الظنون الاجتهادية وكذا لو كان الصدور ظنيا وكان لانجباره من داخل أو خارج أقوى ظنا من الخاص وكذا ان لم يجتمع شرايط التناقض لكن بين الحكمين تباين كما إذا كان في أحدهما أحد الأحكام الخمسة وفي الأخر غيره أو في أحدهما اثبات السبب أو الملزوم وفي الأخر نفي المسبب أو اللازم وتوهم ان العام إذا خص كان مجازا فيجيئ فيه احتمال جميع التخصيصات ويكون مجملا مردود بحكم اللغة والعرف وقوة المجاز وقرينة تخصيص المخرج بالاخراج وان وضع العام على ذلك النحو بان يكون كالقاعدة يخرج منه ما خرج ويبقى الباقي وانه بالنسبة إلى الباقي كالعام قبل الاخراج ولا يحكم على العام بما كانت حجيته مشروطة بفقد الدليل من أصالة براءة واستصحاب حكم وظنون قضى بحجيتها الاضطرار لانسداد طريق الاحتياط مع العلم بشغل الذمة ولولا ذلك لم تكن حجة كالشهرة وقول الأموات والخبر الضعيف غير المجبور في غير حكم الندب ونحوه واما خبر الواحد المعتبر
(٢٨)