خشية أن تدركه الرحمة ". وأخرج ابن جرير والبيهقي من حديث أبي هريرة مرفوعا نحوه. وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر مرفوعا نحوه أيضا. وأخرج أبو الشيخ عن أبي أمامة مرفوعا نحوه أيضا، وفي إسناد حديث أبي هريرة رجل مجهول، وباقي رجاله ثقات - والعجب كل العجب ممن لا علم له بفن الرواية من المفسرين، ولا يكاد يميز بين أصح الصحيح من الحديث وأكذب الكذب منه، كيف يتجارى على الكلام في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والحكم ببطلان ما صح منها، ويرسل لسانه وقلمه بالجهل البحت، والقصور الفاضح الذي يضحك منه كل من له أدنى ممارسة لفن الحديث، فيا مسكين مالك ولهذا الشأن الذي لست منه في شئ؟ ألا تستر نفسك وتربع على ضلعك، وتعرف بأنك بهذا العلم من أجهل الجاهلين، وتشتغل بما هو علمك الذي لا تجاوزه، وحاصلك الذي ليس لك غيره، وهو علم اللغة وتوابعه من العلوم الآلية، ولقد صار صاحب الكشاف رحمه الله بسبب ما يتعرض له في تفسيره من علم الحديث الذي ليس هو منه في ورد ولا صدر سخرة للساخرين وعبرة للمعتبرين، فتارة يروي في كتابه الموضوعات وهو لا يدري أنها موضوعات، وتارة يتعرض لرد ما صح، ويجزم بأنه من الكذب على رسول الله والبهت عليه، وقد يكون في الصحيحين وغيرهما مما يلتحق بهما من رواية جماعة من الصحابة بأسانيد كلها أئمة ثقات أثبات حجج، وأدنى نصيب من عقل يحجر صاحبه عن التكلم في علم لا يعلمه ولا يدري به أقل دراية، وإن كان ذلك العلم من علوم الاصطلاح التي يتواضع عليها طائفة من الناس، ويصطلحون على أمور فيما بينهم، فما بالك بعلم السنة الذي هو قسيم كتاب الله، وقائله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وراويه عنه خير القرون، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وكل حرف من حروفه وكلمة من كلماته يثبت بها شرع عام لجميع أهل الإسلام. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (فاليوم ننجيك ببدنك) قال: أنجى الله فرعون لبني إسرائيل من البحر فنظروا إليه بعد ما غرق. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري وأبو الشيخ عن مجاهد في الآية قال: بجسدك، قال: كذب بعض بني إسرائيل بموت فرعون، فألقى على ساحل البحر حتى يراه بنو إسرائيل أحمر قصيرا كأنه ثور. وأخرج ابن الأنباري عن محمد بن كعب في قوله (فاليوم ننجيك ببدنك) قال: بدرعك، وكان درعه من لؤلؤة يلاقي فيها الحروب.
سورة يونس الآية (93 - 98)