بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار، فقام مائة واثنا عشر رجلا من عبادهم فأمروهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعا في آخر النهار، فهم الذين ذكر الله (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل) الآيات. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله (لبئس ما قدمت لهم أنفسهم) قال: ما أمرتهم. وأخرج ابن أبي حاتم والخرائطي في مساوئ الأخلاق وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " يا معشر المسلمين إياكم والزنا، فإن فيه ست خصال: ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة، فأما التي في الدنيا: فذهاب البهاء، ودوام الفقر، وقصر العمر، وأما التي في الآخرة: فسخط الله، وسوء الحساب، والخلود في النار، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفى العذاب هم خالدون) " قال ابن كثير في تفسيره: هذا الحديث ضعيف على كل حال. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء) قال: المنافقون.
سورة المائدة الآية (82 - 86) قوله (لتجدن الخ) هذه جملة مستأنفة مقررة لما قبلها من تعداد مساوئ اليهود وهناتهم، ودخول لام القسم عليها يزيدها تأكيدا وتقريرا، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو لكل من يصلح له كما في غير هذا الموضع من الكتاب العزيز. والمعنى في الآية: أن اليهود والمشركين لعنهم الله أشد جميع الناس عداوة للمؤمنين وأصلبهم في ذلك. وأن النصارى أقرب الناس مودة للمؤمنين، واللام في (للذين آمنوا) في الموضعين متعلقة بمحذوف وقع صفة لعداوة ومودة، وقيل هو متعلق بعداوة ومودة، والإشارة بقوله (ذلك) إلى كونهم أقرب مودة. والباء في (بأن منهم قسيسين) للسببية: أي ذلك بسبب أن منهم قسيسين، وهو جمع قس وقسيس قاله قطرب. والقسيس: العالم، وأصله من قس: إذا تتبع الشئ وطلبه. قال الراجز:
يصبحن عن قس الأذى غوافلا * وتقسست أصواتهم بالليل تسمعتها والقس: النميمة. والقس أيضا: رئيس النصارى في الدين والعلم، وجمعه قسوس أيضا، وكذلك القسيس: مثل الشر والشرير، ويقال في جمع قسيس تكسيرا قساوسة بإبدال أحد السينين واوا، والأصل قساسة، فالمراد بالقسيسين في الآية: المتبعون للعلماء والعباد، وهو إما عجمي خلطته العرب بكلامها، أو عربي. والرهبان: جمع راهب كركبان وراكب،