من الإبل إذا ولد لولده قالوا حمى هذا ظهره فلا يحملون عليه شيئا، ولا يجزون له وبرا، ولا يمنعونه من حمى ولا من حوض يشرب منه، وإن كان الحوض لغير صاحبه. وأخرج نحوه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق العوفي.
سورة المائدة الآية (104 - 105) أي الزموا أنفسكم أو احفظوها كما تقول عليك زيدا: أي ألزمه، قرئ (لا يضركم) بالجزم على أنه جواب الأمر الذي يدل عليه اسم الفعل. وقرأ نافع وغيره بالرفع على أنه مستأنف، كقول الشاعر:
فقال رائدهم أرسوا نزاولها * أو علي أن ضم الراء للاتباع، وقرئ (لا يضركم) بكسر الضاد، وقرئ " لا يضيركم " والمعنى: لا يضركم ضلال من ضل من الناس إذا اهتديتم للحق أنتم في أنفسكم، وليس في الآية ما يدل على سقوط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن من تركه مع كونه من أعظم الفروض الدينية فليس بمهتد. وقد قال الله سبحانه (إذا اهتديتم) وقد دلت الآيات القرآنية، والأحاديث المتكاثرة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجوبا مضيقا متحتما، فتحمل هذه الآية على من لا يقدر على القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو لا يظن التأثير بحال من الأحوال، أو يخشى على نفسه أن يحل به ما يضره ضررا يسوغ له معه الترك (إلى الله مرجعكم) يوم القيامة (فينبئكم بما كنتم تعملون) في الدنيا فيجازى المحسن بإحسانه والمسئ بإساءته.
وقد أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والدارقطني والضياء في المختارة وغيرهم. عن قيس بن أبي حازم قال:
قام أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) وإنكم تضعونها على غير مواضعها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول " إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أو شك أن يعمهم الله بعقاب " وفى لفظ لابن جرير عنه " والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليعمنكم الله منه بعقاب ". وأخرج الترمذي وصححه. وابن ماجة وابن جرير والبغوي في معجمه، وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ والحاكم وصححه. وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي أمية الشعثاني قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له: كيف تصنع في هذه الآية؟ قال: أية آية؟
قلت: قوله (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) قال: أما والله لقد سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأى برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العوام، فإن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم " وفى لفظ " قيل يا رسول الله أجر خمسين رجلا منا أو منهم؟ قال: بل أجر خمسين منكم ". وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عامر الأشعري أنه كان فيهم أعمى، فاحتبس على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم أتاه فقال: ما حبسك؟ قال: يا رسول الله قرأت هذه الآية (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم