يسأل ابن عباس عن الأنفال فقال: الفرس من النفل والسلب من النفل، فأعاد المسئلة فقال ابن عباس: هذا مثل ضبيع الذي ضربه عمر، وفي لفظ: فقال ما أحوجك أن يصنع بك كما صنع عمر بضبيع أهل العراقي، وكان عمر ضربه حتى سالت الدماء على عقبيه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه قال: الأنفال المغانم، أمروا أن يصلحوا ذات بينهم فيها فيرد القوي على الضعيف. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والنحاس وأبو الشيخ عن عطاء في قوله (يسألونك عن الأنفال) قال: هو ما شذ من المشركين إلى المسلمين بغير قتال، من عبد أو دابة أو متاع فذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يصنع به ما شاء وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وأبو الشيخ عن محمد بن عمرو قال: أرسلنا إلى سعيد بن المسيب نسأله عن الأنفال فقال: تسألوني عن الأنفال وإنه لا نفل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج عبد الرزاق عن سعيد أيضا قال: ما كانوا ينفلون إلا من الخمس وروي عبد الرزاق عنه أنه قال: لا نفل في غنائم المسلمين إلا في خمس الخمس. وأخرج عبد الرزاق عن أنس أن أميرا من الأمراء أراد أن ينفله قبل أن يخمسه فأبى أنس أن يقبله حتى يخمسه. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله (يسألونك عن الأنفال) قال: ما أصابت السرايا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير والنحاس في ناسخه عن مجاهد وعكرمة قال: كانت الأنفال لله والرسول حتى نسخها آية الخمس - واعلموا أنما غنمتم من شئ - الآية. وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب المفرد، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله (وأصلحوا ذات بينكم) قال: هذا تخريج من الله على المؤمنين أن يتقوا الله وأن يصلحوا ذات بينهم حيث اختلفوا في الأنفال. وأخرج ابن أبي حاتم عن مكحول قال: كان صلاح ذات بينهم أن ردت الغنائم، فقسمت بين من ثبت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين من قاتل وغنم. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله (وأطيعوا الله ورسوله) قال: طاعة الرسول اتباع الكتاب والسنة.
سورة الأنفال الآية (2 - 4) الوجل الخوف والفزع، والمراد أن حصول الخوف من الله والفزع منه عند ذكره هو شأن المؤمنين الكاملي الإيمان المخلصين لله، فالحصر باعتبار كمال الإيمان لا باعتبار أصل الإيمان. قال جماعة من المفسرين: هذه الآية متضمنة للتحريض على طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أمر به من قسمة الغنائم، ولا يخفاك أن هذا وإن صح إدراجه تحت معنى الآية، من جهة أن وجل القلوب عند الذكر وزيادة الإيمان عند تلاوة آيات الله يستلزمان امتثال ما أمر به سبحانه من كون الأنفال لله والرسول، ولكن الظاهر أن مقصود الآية هو إثبات هذه المزية لمن كمل إيمانه من غير تقييد بحال دون حال، ولا بوقت دون وقت، ولا بواقعة دون واقعة، والمراد من تلاوة آياته تلاوة الآيات المنزلة أو التعبير عن بديع صنعته وكمال قدرته في آياته التكوينية بذكر خلقها البديع وعجائبها التي يخشع عند ذكرها المؤمنون. قيل والمراد بزيادة الإيمان هو زيادة انشراح الصدر وطمأنينة القلب وانثلاج الخاطر عند تلاوة الآيات، وقيل المراد بزيادة الإيمان زيادة العمل، لأن الإيمان شئ واحد لا يزيد ولا ينقص، والآيات المتكاثرة والأحاديث المتواترة ترد ذلك وتدفعه (وعلى ربهم يتوكلون) لا على غيره، والتوكل