يعمدون إلى قداح ثلاثة يكتبون على واحد منها: أمرني، وعلى الآخر: نهاني، ويتركون الثالث مخللا بينهما ليس عليه شئ ثم يجيلونها، فإن خرج الذي عليه: أمرني مضوا لأمرهم، وإن خرج الذي عليه: نهاني كفوا، وإن خرج الذي: ليس عليه شئ أعادوها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم) قال: يئسوا أن يرجعوا إلى دينهم أبدا. وأخرج البيهقي عنه في الآية قال: يقول يئس أهل مكة أن يرجعوا إلى دينهم عبادة الأوثان أبدا، وأخرج البيهقي عنه في الآية قال: يقول يئس أهل مكة أن يرجعوا إلى دينهم عبادة الأوثان أبدا (فلا تخشوهم) في اتباع محمد (واخشون) في عبادة الأوثان وتكذيب محمد فلما كان واقفا بعرفات نزل عليه جبريل وهو رافع يديه والمسلمون يدعون الله (اليوم أكملت لكم دينكم) يقول حلالكم وحرامكم فلم ينزل بعد هذا حلال ولا حرام (وأتممت عليكم نعمتي) قال: منتي، فلم يحج معكم مشرك (ورضيت) يقول: اخترت (لكم الإسلام دينا) فمكث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد نزول هذه الآية أحدا وثمانين يوما، ثم قبضه الله إليه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه قال: أخبر الله نبيه والمؤمنين أنه أكمل لهم الإيمان فلا يحتاجون إلى زيادة أبدا، وقد أتمه فلا ينقص أبدا. وقد رضيه فلا يسخطه أبدا. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن طارق بن شهاب قال: قالت اليهود لعمر: إنكم تقرؤون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: وأي آية؟ قالوا (اليوم أكملت لكم دينكم) قال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والساعة التي نزلت فيها، نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشية عرفة في يوم جمعة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (فمن اضطر) يعني إلى ما حرم مما سمى في صدر هذه السورة (في مخمصة) يعني في مجاعة (غير متجانف لإثم) يقول غير معتمد لإثم.
سورة المائدة الآية (54) هذا شروع في بيان ما أحله الله لهم بعد بيان ما حرمه الله عليهم، وسيأتي ذكر سبب نزول الآية. قوله (ماذا أحل لهم) أي شئ أحل لهم، أو ما الذي أحل لهم من المطاعم إجمالا ومن المصيد ومن طعام أهل الكتاب ومن نسائهم قوله (قل أحل لكم الطيبات) هي ما يستلذه آكله ويستطيبه مما أحله الله لعباده، وقيل هي الحلال، وقد سبق الكلام في هذا، وقيل الطيبات: الذبائح لأنها طابت بالتذكية، وهو تخصيص للعام بغير مخصص، والسبب والسياق لا يصلحان لذلك. قوله (وما علمتم من الجوارح) هو معطوف على الطيبات بتقدير مضاف لتصحيح المعنى: أي أحل لكم الطيبات وأحل لكم صيد ما علمتم من الجوارح. وقرأ ابن عباس ومحمد بن الحنفية " علمتم "