يومئذ غلام، فقال عزير: أو كان هذا؟ فلحق بالجبال والوحش فجعل يتعبد فيها، وجعل لا يخالط الناس، فإذا هو ذات يوم بامرأة عند قبر وهي تبكي، فقال: يا أمه اتقى الله واحتسبي واصبري أما تعلمين أن سبيل الناس إلى الموت؟ فقالت: يا عزير أتنهاني أن أبكي وأنت قد خلفت بني إسرائيل ولحقت بالجبال والوحش؟ ثم قالت:
إني لست بامرأة ولكني الدنيا، وإنه سينبع في مصلاك عين وتنبت شجرة، فاشرب من ماء العين وكل من ثمر الشجرة، فإنه سيأتيك ملكان فاتركهما يصنعان ما أرادا، فلما كان من الغد نبعت العين ونبتت الشجرة، فشرب من ماء العين وأكل من ثمرة الشجرة، وجاء ملكان ومعهما قارورة فيها نور فأوجراه ما فيها فألهمه الله التوراة، فجاء فأملاه على الناس، فعند ذلك قالوا عزير ابن الله، تعالى الله عن ذلك. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا فذكر قصة وفيها: أن عزير سأل الله بعد ما أنسى بني إسرائيل التوراة ونسخها من صدورهم أن يرد الذي نسخ من صدره، فبينما هو يصلي نزل نور من الله عز وجل فدخل جوفه، فعاد إليه الذي كان ذهب من جوفه من التوراة، فأذن في قومه فقال: يا قوم قد آتاني الله التوراة وردها إلي. وأخرج أبو الشيخ عن كعب قال: دعا عزير ربه أن يلقى التوراة كما أنزل على موسى في قلبه، فأنزلها الله عليه، فبعد ذلك قالوا: عزير ابن الله. وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس قال: ثلاث أشك فيهن: فلا أدري عزير كان نبيا أم لا؟ ولا أدري ألعن تبع أم لا؟
قال: ونسيت الثالثة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله (يضاهئون) قال: يشبهون. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه في قوله (قاتلهم الله) قال: لعنهم الله وكل شئ في القرآن قتل فهو لعن. وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عدي بن حاتم قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقرأ في سورة براءة (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) فقال: أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه. وأخرجه أيضا أحمد وابن جرير. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في سننه عن أبي البحتري قال: سأل رجل حذيفة فقال: أرأيت قوله (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) أكانوا يعبدونهم؟ قال: لا ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك قال: أحبارهم قراؤهم، ورهبانهم علماؤهم. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: الأحبار من اليهود، والرهبان من النصارى. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي مثله. وأخرج أيضا عن الفضيل بن عياض قال: الأحبار العلماء، والرهبان العباد.
وأخرج أيضا عن السدي في قوله (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم) قال: يريدون أن يطفئوا الإسلام بأقوالهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم) يقول: يريدون أن يهلك محمد وأصحابه. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في الآية قال: هم اليهود والنصارى. وأخرج أبو الشيخ عن السدي (هو الذي أرسل رسوله بالهدى) يعني بالتوحيد والإسلام والقرآن.
سورة براءة الآية (34 - 35)