لسؤال مقدر، والمعنى لكل طائفة منكم ضعف من العذاب: أي الطائفة الأولى، والطائفة الأخرى (ولكن لا تعلمون) بما لكل نوع من العذاب (وقالت أولاهم لأخراهم) أي قال السابقون للاحقين، أو المتبوعون للتابعين (فما كان لكم علينا من فضل) بل نحن سواء في الكفر بالله واستحقاق عذابه (فذوقوا) عذاب النار كما ذقناه (بما كنتم تكسبون) من معاصي الله والكفر به.
وقد أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والخطيب وابن النجار عن أبي الدرداء قال:
تذاكرنا زيادة العمر عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلنا من وصل رحمه أنسئ في أجله فقال: إنه ليس بزائد في عمره، قال الله تعالى (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) ولكن الرجل يكون له الذرية الصالحة، فيدعون الله من بعده فيبلغه ذلك، فذلك الذي ينسأ في أجله. وفى لفظ: فيلحقه دعاؤهم في قبره، فذلك زيادة العمر. وهذا الحديث ينبغي أن يكشف عن إسناده ففيه نكارة، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة في الصحيحين وغيرهما بخلافه. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي عروبة قال: كان الحسن يقول ما أحمق هؤلاء القوم يقولون اللهم أطل عمره، والله يقول (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون). وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من طريق الزهري عن ابن المسيب قال: لما طعن عمر قال كعب: لو دعا الله لأخر في أجله، فقيل له: أليس قد قال الله (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) فقال كعب: وقد قال الله - وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب -. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب) قال: ما قدر لهم من خير وشر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في الآية قال: من الأعمال من عمل خيرا جزى به ومن عمل شرا جزى به. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عنه أيضا قال: نصيبهم من الشقاوة والسعادة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال: ما سبق من الكتاب. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في الآية قال: رزقه وأجله وعمله. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي صالح في الآية قال: من العذاب. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن مثله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله (قد خلت) قال: قد مضت (كلما دخلت أمة لعنت أختها) قال: كلما دخلت أهل ملة لعنوا أصحابهم على ذلك، يلعن المشركون المشركين، واليهود اليهود.
والنصارى النصارى، والصابئون الصابئين، والمجوس المجوس، تلعن الآخرة الأولى (حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم) الذين كانوا في آخر الزمان (لأولاهم) الذين شرعوا لهم ذلك الدين (ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف) الأولى والآخرة (وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل) وقد ضللتم كما ضللنا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (عذابا ضعفا) قال: مضاعفا (قال لكل ضعف) قال: مضاعف، وفى قوله (فما كان لكم علينا من فضل) قال: تخفيف من العذاب.
سورة الأعراف الآية (40)