لقومكما بمصر) قال: مصر الإسكندرية، وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في الآية قال: كانوا لا يصلون إلا في البيع حتى خافوا من آل فرعون فأمروا أن يصلوا في بيوتهم. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: أمروا أن يتخذوا في بيوتهم مساجد. وأخرج أبو الشيخ عن أبي سنان قال: القبلة الكعبة، وذكر أن آدم فمن بعده كانوا يصلون قبل الكعبة. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (واجعلوا بيوتكم قبلة) قال: يقابل بعضها بعضا.
سورة يونس الآية (88 - 92) لما بلغ موسى عليه السلام في إظهار المعجزات وإقامة الحجج البينات، ولم يكن لذلك تأثير في من أرسل إليهم دعا عليهم بعد أن بين سبب إصرارهم على الكفر وتمسكهم بالجحود والعناد، فقال مبينا للسبب أولا (ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا) قد تقدم أن الملأ هم الأشراف، والزينة: اسم لكل ما يتزين به من ملبوس ومركوب وحلية وفراش وسلاح غير ذلك، ثم كررا النداء للتأكيد فقال (ربنا ليضلوا عن سبيلك).
وقد اختلف في هذه اللام الداخلة على الفعل، فقال الخليل وسيبويه: إنها لام العاقبة والصيرورة، والمعنى:
أنه لما كان عاقبة أمرهم الضلال صار كأنه سبحانه أعطاهم ما أعطاهم من النعم ليضلوا، فتكون اللام على هذا متعلقة بآتيت، وقيل إنها لام كي: أي أعطيتهم لكي يضلوا. وقال قوم: إن المعنى أعطيتهم ذلك لئلا يضلوا.
فحذفت لا كما قال سبحانه - يبين الله لكم أن تضلوا -. قال النحاس: ظاهر هذا الجواب حسن إلا أن العرب لا تحذف لا إلا مع أن، فموه صاحب هذا التأويل بالاستدلال بقوله - يبين الله لكم أن تضلوا -. وقيل اللام للدعاء عليهم، والمعنى: ابتلهم بالهلاك عن سبيلك، واستدل هذا القائل بقوله سبحانه بعد هذا: اطمس واشدد. وقد أطال صاحب الكشاف في تقرير هذا بما لا طائل تحته، والقول الأول هو الأولى، وقرأ الكوفيون " ليضلوا " بضم حرف المضارعة: أي يوقعوا الإضلال على غيرهم. وقرأ الباقون بالفتح: أي يضلون في أنفسهم (ربنا اطمس على أموالهم). قال الزجاج: طمس الشئ إذهابه عن صورته، والمعنى: الدعاء عليهم بأن يمحق الله أموالهم ويهلكها وقرئ بضم الميم من اطمس (واشدد على قلوبهم) أي اجعلها قاسية مطبوعة لا تقبل الحق ولا تنشرح للإيمان.