فيها تبيان لكل شئ وموعظة، ولما جاء فرأى بني إسرائيل عكوفا على العجل رمى التوراة من يده فتحطمت، وأقبل على هارون فأخذ برأسه فرفع الله منها ستة أسباع وبقي سبع (فلما ذهب عن موسى الغضب أخذ الألواح وفى نسختها هدى ورحمة) قال: فيما بقى منها. وأخرج ابن المنذر عن مجاهد أو سعيد بن جبير قال: كانت الألواح من زمرد فلما ألقاها موسى ذهب التفصيل، وبقي الهدى والرحمة، وقرأ " وكتبنا له في الألواح موعظة وتفصيلا لكل شئ " وقرأ (ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفى نسختها هدى ورحمة) قال: ولم يذكر التفصيل هاهنا.
سورة الأعراف الآية (155 - 157) قوله (واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا) هذا شروع في بيان ما كان من موسى ومن القوم الذين اختارهم، وسبعين مفعول اختار، وقومه منصوب بنزع الخافض: أي من قومه على الحذف والإيصال، ومثله قول الراعي:
اخترتك الناس إذ رثت خلائقهم * واعتل من كان يرجى عنده السول يريد اخترتك من الناس، ومعنى (لميقاتنا) للوقت الذي وقتناه له بعد أن وقع من قومه ما وقع، والميقات الكلام الذي تقدم ذكره لأن الله أمره أن يأتي إلى الطور في ناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه سبحانه من عبادة العجل كذا قيل، والرجفة في اللغة: الزلزلة الشديدة، قيل إنهم زلزلوا حتى ماتوا، فلما رأى موسى أخذ الرجفة لهم (قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي) قاله عليه السلام تحسرا وتلهفا، لأن سبب أخذ الرجفة لهم ما حكى الله عنهم من قولهم - وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة - على ما تقدم في البقرة، وقيل هؤلاء السبعون غير من قالوا - أرنا الله جهرة - بل أخذتهم الرجفة، بسبب عدم انتهائهم عن عبادة العجل، وقيل إنهم قوم لم يرضوا بعبادة العجل ولا نهوا السامري ومن معه عن عبادته، فأخذتهم الرجفة بسبب سكوتهم والمعنى لو شئت إهلاكنا لأهلكتنا بذنوبنا قبل هذا الوقت اعترافا منه عليه السلام بالذنب، وتلهفا على ما فرط من قومه