وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (لعب ولهو) قال: كل لعب: لهو. وأخرج الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه والضياء في المختارة عن علي بن أبي طالب قال: قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنا لا نكذبك ولكن نكذب بما جئت به. فأنزل الله (فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون). وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي يزيد المدني أن أبا جهل قال: والله إني لأعلم أنه صادق، ولكن متى كنا تبعا لبني عبد مناف؟. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن أبي ميسرة نحو رواية علي بن أبي طالب. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله (ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) قال: يعلمون أنك رسول الله ويجحدون. وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله (ولقد كذبت رسل من قبلك) قال: يعزى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال (فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض) والنفق: السرب، فتذهب فيه فتأتيهم بآية أو تجعل لهم سلما في السماء فتصعد عليه (فتأتيهم بآية) أفضل مما أتيناهم به فافعل (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى) يقول سبحانه: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله (نفقا في الأرض) قال: سربا (أو سلما في السماء) قال: يعنى الدرج.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله (إنما يستجيب الذين يسمعون) قال: المؤمنون (والموتى) قال: الكفار. وأخرج هؤلاء عن مجاهد مثله.
سورة الإنعام الآية (37 - 39) هذا كان منهم تعنتا ومكابرة حيث لم يقتدوا بما قد أنزله الله على رسوله من الآيات البينات التي من جملتها القرآن، وقد علموا أنهم قد عجزوا عن أن يأتوا بسورة مثله. ومرادهم بالآية هنا هي التي تضطرهم إلى الإيمان كنزول الملائكة بمرأى منهم ومسمع، أو نتق الجبل كما وقع لبني إسرائيل، فأمره الله سبحانه أن يجيبهم بأن الله قادر على أن ينزل على رسوله آية تضطرهم إلى الإيمان، ولكنه ترك ذلك لتظهر فائدة التكليف الذي هو الابتلاء والامتحان، وأيضا لو أنزل آية كما طلبوا لم يمهلهم بعد نزولها بل سيعاجلهم بالعقوبة إذا لم يؤمنوا. قال الزجاج:
طلبوا أن يجمعهم على الهدى، يعني جمع إلجاء (ولكن أكثرهم لا يعلمون) أن الله قادر على ذلك، وأنه تركه لحكمة بالغة لا تبلغها عقولهم. قوله (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم) الدابة من دب يدب فهو داب: إذا مشى مشيا فيه تقارب خطو. وقد تقدم بيان ذلك في البقرة (ولا طائر) معطوف على (دابة) مجرور في قراءة الجمهور. وقرأ الحسن وعبد الله بن أبي إسحاق (ولا طائر) بالرفع عطفا على موضع من دابة على تقدير زيادة من، و (بجناحيه) لدفع الإيهام، لأن العرب تستعمل الطيران لغير الطير كقولهم: طرفي جاجتي: