أو الضمير بمنزلة اسم الإشارة: أي أكل ذلك. قوله (والزيتون والرمان) معطوف على جنات: أي وأنشأ الزيتون والرمان حال كونه متشابها وغير متشابه، وقد تقدم الكلام على تفسير هذا (كلوا من ثمره) أي من ثمر كل واحد منهما، أو من ثمر ذلك (إذا أثمر) أي إذا حصل فيه الثمر وإن لم يدرك ويبلغ حد الحصاد. قوله (وآتوا حقه يوم حصاده).
وقد اختلف أهل العلم هل هذه محكمة أو منسوخة أو محمولة على الندب، فذهب ابن عمر وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير إلى أن الآية محكمة، وأنه يجب على المالك يوم الحصاد أن يعطى من حضر من المساكين القبضة والضغث ونحوهما. وذهب ابن عباس ومحمد ابن الحنفية والحسن والنخعي وطاوس وأبو الشعثاء وقتادة والضحاك وابن جريح أن هذه الآية منسوخة بالزكاة. واختاره ابن جرير، ويؤيده أن هذه الآية مكية وآية الزكاة مدنية في السنة الثانية بعد الهجرة، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم من السلف والخلف. وقالت طائفة من العلماء: إن الآية محمولة على الندب لا على الوجوب. قوله (ولا تسرفوا) أي في التصدق، وأصل الإسراف في اللغة: الخطأ، والإسراف في النفقة: التبذير، وقيل هو خطاب للولاة يقول لهم لا تأخذوا فوق حقكم، وقيل المعنى: لا تأخذوا الشئ بغير حقه وتضعونه في غير مستحقه. قوله (ومن الأنعام حمولة وفرشا) معطوف على جنات: أي وأنشأ لكم من الأنعام حمولة وفرشا، والحمولة ما يحمل عليها، وهو يختص بالإبل فهي فعولة بمعنى فاعلة، والفرش:
ما يتخذ من الوبر والصوف والشعر فراشا يفترشه الناس، وقيل: الحمولة الإبل، والفرش: الغنم، وقيل الحمولة:
كل ما حمل عليه من الإبل والبقر والخيل والبغال والحمير، والفرش: الغنم، وهذا لا يتم إلى على فرض صحة إطلاق اسم الأنعام على جميع هذه المذكورات، وقيل الحمولة: ما تركب، والفرش: ما يؤكل لحمه (كلوا مما رزقكم) من هذه الأشياء (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) كما فعل المشركون من تحريم ما لم يحرمه الله وتحليل ما لم يحلله (إنه) أي الشيطان (لكم عدو مبين) مظهر للعداوة ومكاشف بها.
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (وهو الذي أنشأ جنات معروشات) قال:
المعروشات ما عرش الناس (وغير معروشات) ما خرج في الجبال والبرية من الثمار. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: معروشات بالعيدان والقصب وغير معروشات قال: الضاحي. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس (معروشات) قال: الكرم خاصة. وأخرج ابن المنذر والنحاس وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله (وآتوا حقه يوم حصاده) قال: ما سقط من السنبل. وأخرج أبو عبيد وابن أبي شيبة وابن المنذر والنحاس والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عمر في قوله (وآتوا حقه يوم حصاده) قال: كانوا يعطون من اعتز بهم شيئا سوى الصدقة. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي عن مجاهد في الآية قال: إذا حصدت فحضرك المساكين فاطرح لهم من السنبل. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن ميمون بن مهران ويزيد الأصم قال: كان أهل المدينة إذا صرموا النخل يجيئون بالعذق فيضعونه في المسجد فيجئ السائل فيضربه بالعصا فيسقط منه، فهو قوله (وآتوا حقه يوم حصاده). وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن حماد بن أبي سليمان في الآية قال: كانوا يطعمون منه رطبا. وأخرج أحمد وأبو داود في سننه من حديث جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر من كل حادي عشرة أوسق من التمر بقنو يعلق في المسجد للمساكين. وإسناده جيد.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال