مردويه وابن عساكر عنه نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن الشعبي في هذه الآية قال: قال ابن عباس هو رجل من بني إسرائيل يقال له بلعام بن باعوراء، وكانت الأنصار تقول: هو ابن الراهب الذي بني له مسجد الشقاق، وكانت ثقيف تقول: هو أمية بن أبي الصلت. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: هو صيفي بن الراهب. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه في قوله (فانسلخ منها) قال: نزع منه العلم.
وفي قوله (ولو شئنا لرفعناه بها) قال: رفعه الله بعلمه. وأخرج مسلم والنسائي وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله، ثم يقول " من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدث بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار " ثم يقول " بعثت أنا والساعة كهاتين ".
سورة الأعراف الآية (178 - 179) (ولقد ذرأنا) أي خلقنا. وقد تقدم بيان أصل معناه مستوفى، وهذه الجملة مقررة لمضمون ما قبلها (لجهنم) أي للتعذيب بها (كثيرا) أي خلقا كثيرا (من الجن والإنس) أي من طائفتي الجن والإنس جعلهم سبحانه للنار بعد له وبعمل أهلها يعملون. وقد علم ما هم عاملون قبل كونهم كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، ثم وصف هؤلاء فقال (لهم قلوب لا يفقهون بها) كما يفقه غيرهم بعقولهم، وجملة (لا يفقهون بها) في محل رفع على أنها صفة لقلوب، وجملة (لهم قلوب) في محل نصب صفة لكثيرا جعل سبحانه قلوبهم لما كانت غير فاقهة لما فيه نفعهم وإرشادهم غير فاقهة مطلقا وإن كانت تفقه في غير ما فيه النفع والرشاد فهو كالعدم، وهكذا معنى (ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها) فإن الذي انتفى من الأعين هو إبصار ما فيه الهداية بالتفكر والاعتبار وإن كانت مبصرة في غير ذلك، والذي انتقى من الآذان هو سماع المواعظ النافعة، والشرائع التي اشتملت عليها الكتب المنزلة، وما جاءت به رسل الله، وإن كانوا يسمعون غير ذلك، والإشارة بقوله (أولئك) إلى هؤلاء المتصفين بهذه الأوصاف كالأنعام في انتفاء انتفاعهم بهذه المشاعر، ثم حكم عليهم بأنهم أضل منها، لأنها تدرك بهذه الأمور ما ينفعها ويضرها فتنتفع بما ينفع، وتجتنب ما يضر. وهؤلاء لا يميزون بين ما ينفع وما يضر باعتبار ما طلبه الله منهم وكلفهم به. ثم حكم عليهم بالغفلة الكاملة لما هم عليه من عدم التمييز الذي هو من شأن من له عقل وبصر وسمع.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (ولقد ذرأنا) قال: خلقنا. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال خلقنا لجهنم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه وابن النجار عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إن الله لما ذرأ لجهنم من ذرأ كان ولد الزنا ممن ذرأ لجهنم ". وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله (ولقد ذرأنا لجهنم) قال: لقد خلقنا لجهنم (لهم قلوب لا يفقهون بها) قال: لا يفقهون شيئا من أمور الآخرة (ولهم أعين لا يبصرون بها) الهدى (ولهم