عليه وآله وسلم فجحد القائل، فأنزل الله (يحلفون بالله ما قالوا) الآية. وأخرج ابن جرير والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالسا في ظل شجرة فقال: إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان، فإذا جاءكم فلا تكلموه، فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: علام تشتمني أنت وأصحابك فانطلق الرجل فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما قالوا حتى تجاوز عنهم، وأنزل الله (يحلفون بالله ما قالوا) الآية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال: ذكر لنا أن رجلين اقتتلا أحدهما من جهينة والآخر من غفار، وكانت جهينة حلفاء الأنصار، فظهر الغفاري على الجهني، فقال عبد الله بن أبي للأوس: انصروا أخاكم، والله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل " سمن كلبك يأكلك " والله - لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل - فسعى بها رجل من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأرسل إليه فسأله فجعل يحلف بالله ما قاله، فأنزل الله (يحلفون بالله) الآية، وفي الباب أحاديث مختلف في سبب نزول هذه الآية، وفيما ذكرناه كفاية. وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله (وهموا بما لم ينالوا) قال: هم رجل يقال له الأسود بقتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله (وهموا بما لم ينالوا) قال: أرادوا أن يتوجوا عبد الله بن أبي بتاج. وأخرج ابن ماجة وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: قتل رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجعل ديته اثنى عشر ألفا، وذلك قوله (وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله) قال: بأخذهم الدية.
سورة براءة الآية (75 - 79) اللام الأولى، وهي (لئن آتانا) الله (من فضله) لام القسم، واللام الثانية، وهي (لنصدقن) لام الجواب للقسم والشرط. ومعنى (لنصدقن) لنخرج الصدقة، وهي أعم من المفروضة وغيرها (ولنكونن من الصالحين) أي من جملة أهل الصلاح من المؤمنين القائمين بواجبات الدين التاركين لمحرماته (فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون) أي لما أعطاهم ما طلبوا من الرزق بخلوا به: أي بما آتاهم من فضله فلم يتصدقوا بشئ منه كما حلفوا به (وتولوا) أي أعرضوا عن طاعة الله وإخراج صدقات ما أعطاهم الله من فضله، (و) الحال أن (هم معرضون) في جميع الأوقات قبل أن يعطيهم الله ما أعطاهم من الرزق وبعده قوله (فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى