صلى الله عليه وآله وسلم قال " ما من زرع على الأرض ولا ثمار على أشجار إلا عليها مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم، هذا رزق فلان بن فلان " فذلك قوله تعالى (وما تسقط من) الآية. وقد رواه يزيد بن هارون عن محمد ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكره. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس أنه تلا هذه الآية (ولا رطب ولا يابس) فقال: الرطب واليابس من كل شئ.
سورة الأنعام الآية (60 - 62) قوله (يتوفاكم بالليل) أي ينيمكم فيقبض فيه نفوسكم التي بها تميزون وليس ذلك موتا حقيقة. فهو مثل قوله - الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها - والتوفي استيفاء الشئ، وتوفيت الشئ واستوفيته: إذا أخذته أجمع، قال الشاعر:
إن بنى الأدرم ليسوا من أحد * ولا توفاهم قريش في العدد قيل الروح إذا خرجت من البدن في المنام بقيت فيه الحياة، وقيل لا تخرج منه الروح بل الذهن فقط، والأولى أن هذا أمر لا يعرفه إلا الله سبحانه. قوله (ويعلم ما جرحتم بالنهار) أي كسبتم بجوارحكم سنة من الخير والشر. قوله (ثم يبعثكم فيه) أي في النهار يعني اليقظة، وقيل يبعثكم من القبور فيه: أي في شأن ذلك الذي قطعتم فيه أعماركم من النوم بالليل والكسب بالنهار، وقيل في الكلام تقديم وتأخير، والتقدير: هو الذي يتوفاكم بالليل ثم يبعثكم بالنهار ويعلم ما جرحتم فيه، وقيل ثم يبعثكم فيه: أي في المنام، ومعنى الآية: أن إمهاله تعالى للكفار ليس للغفلة عن كفرهم، فإنه عالم بذلك ولكن (ليقضى أجل مسمى) أي معين لكل فرد من أفراد العباد من حياة ورزق (ثم إليه مرجعكم) أي رجوعكم بعد الموت (ثم ينبئكم بما كنتم تعملون) فيجازى المحسن بإحسانه والمسئ بإساءته، قوله (وهو القاهر فوق عباده) المراد فوقية القدرة والرتبة كما يقال: السلطان فوق الرعية، وقد تقدم بيانه في أول السورة. قوله (ويرسل عليكم حفظة) أي ملائكة جعلهم الله حافظين لكم، ومنه قوله - وإن عليكم لحافظين - والمعنى: أنه يرسل عليكم من يحفظكم من الآفات ويحفظ أعمالكم، والحفظة جمع حافظ، مثل كتبة جمع كاتب (وعليكم) متعلق بيرسل لما فيه من معنى الاستيلاء، وتقديمه على حفظة ليفيد العناية بشأنه وأنه أمر حقيق بذلك، وقيل هو متعلق بحفظة. قوله (حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا) حتى يحتمل أن تكون هي الغائية: أي ويرسل علكيم حفظة يحفظون ما أمروا بحفظه مما يتعلق بكم (حتى إذا جاء أحدكم الموت) ويحتمل أن تكون الابتدائية، والمراد بمجئ الموت مجئ علاماته. وقرأ حمزة " توفاه رسلنا " وقرأ الأعمش " تتوفاه " والرسل هم أعوان ملك الموت، ومعنى توفته: استوفت روحه (لا يفرطون) أي لا يقصرون ويضيعون، وأصله من التقدم، وقال أبو عبيدة: لا يتوانون. وقرأ عبيد بن عمير " لا يفرطون " بالتخفيف: أي لا يجاوزون الحد فيما أمروا به من الإكرام والإهانة. قوله (ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق) معطوف على توفته، والضمير راجع إلى أحد لأنه في معنى الكل