وقد قيل إن ردف وأردف بمعنى واحد، وأنكره أبو عبيدة قال: لقوله تعالى - تتبعها الرادفة - ولم يقل المردفة قال سيبويه: وفى الآية قراءة ثالثة وهي " مردفين " بضم الراء وكسر الدال مشددة. وقراءة رابعة بفتح الراء وتشديد الدال. وقرأ جعفر بن محمد وعاصم الجحدري " بآلاف " جمع ألف، وهو الموافق لما تقدم في آل عمران، والضمير في " وما جعله الله " راجع إلى الإمداد المدلول عليه بقوله " أنى ممدكم " (إلا بشرى) أي إلا بشارة لكم بنصره، وهو استثناء مفرغ: أي ما جعل إمدادكم لشئ من الأشياء إلا للبشرى لكم بالنصر (ولتطمئن به) أي بالإمداد قلوبكم، وفي هذا إشعار بأن الملائكة لم يقاتلوا، بل أمد الله المسلمين بهم للبشرى لهم وتطمين قلوبهم وتثبيتها، واللام في لتطمئن متعلقة بفعل محذوف يقدر متأخرا: أي ولتطمئن قلوبكم فعل ذلك لا لشئ آخر (وما النصر إلا من عند الله) لا من عند غيره ليس للملائكة في ذلك أثر، فهو الناصر على الحقيقة، وليسوا إلا سببا من أسباب النصر التي سببها الله لكم وأمدكم بها (إن الله عزيز) لا يغالب (حكيم) في كل أفعاله.
وقد أخرج ابن جرير عن علي رضي الله عنه قال: نزل جبريل في ألف من الملائكة عن ميمنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفيها أبو بكر، ونزل ميكائيل في ألف من الملائكة عن ميسرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا في الميسرة. وأخرج سنيد وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد قال: ما أمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأكثر من هذه الألف التي ذكر الله في الأنفال، وما ذكر الثلاثة الآلاف والخمسة الآلاف إلا بشرى. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله (مردفين) قال: متتابعين. وأخرج ابن جرير عنه في قوله (مردفين) يقول: المدد. وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر وأبو الشيخ عنه أيضا في الآية قال: وراء كل ملك ملك. وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال: كان ألف مردفين وثلاثة آلاف منزلين، فكانوا أربعة آلاف، وهم مدد المسلمين في ثغورهم. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (مردفين) قال: مجدين. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال: متتابعين أمدهم الله بألف ثم بثلاثة، ثم أكملهم خمسة آلاف (وما جعله الله إلا بشرى) لكم (ولتطمئن به قلوبكم) قال:
يعني نزول الملائكة. قال: وذكر لنا أن عمر قال: أما يوم بدر فلا نشك أن الملائكة كانوا معنا وأما بعد ذلك فالله أعلم. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد (مردفين) قال: بعضهم على أثر بعض.
سورة الأنفال الآية (11 - 14) قوله (إذ يغشاكم) الظرف منصوب بفعل مقدر كالذي قبله، أو بدل ثان من إذ يعدكم، أو منصوب بالنصر المذكور قبله، وقيل غير ذلك مما لا وجه له، و (يغشيكم) هي قراءة نافع وأهل المدينة على أن الفاعل هو الله سبحانه، وهذه القراءة هي المطابقة لما قبلها: أعني قوله (وما النصر إلا من عند الله) ولما بعدها أعني (وينزل