قال: نصرتموهم. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (فبما نقضهم ميثاقهم) قال: هو ميثاق أخذه الله على أهل التوراة فنقضوه. وأخرج ابن جرير عنه في قوله (يحرفون الكلم عن مواضعه) يعنى حدود الله، يقولون إن أمركم محمد بما أنتم عليه فاقبلوه، وإن خالفكم فاحذروا، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله (ونسوا حظا مما ذكروا به) قال: نسوا الكتاب. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله (ولا تزال تطلع على خائنة منهم) قال: هم يهود مثل الذي هموا به من النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم دخل عليهم حائطهم، وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله (ولا تزال تطلع على خائنة منهم) قال:
كذب وفجور، وفى قوله (فاعف عنهم واصفح) قال: لم يؤمر يومئذ بقتالهم، فأمره الله أن يعفو عنهم ويصفح ثم نسخ ذلك في براءة فقال - قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر - الآية. وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر عن إبراهيم النخعي في قوله (فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) قال: أغرى بعضهم ببعض بالخصومات والجدال في الدين.
سورة المائدة الآية (15 - 16) الألف واللام في الكتاب للجنس والخطاب لليهود والنصارى (قد جاءكم رسولنا) أي محمد صلى الله عليه وآله وسلم حال كونه (يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب) المنزل عليكم، وهو التوراة والإنجيل: كآية الرجم وقصة أصحاب السبت الممسوخين قردة (ويعفوا عن كثير) مما تخفونه. فيترك بيانه لعدم اشتماله على ما يجب بيانه عليه من الأحكام الشرعية، فإن ما لم يكن كذلك لا فائدة تتعلق ببيانه إلا مجرد افتضاحكم، وقيل المعنى: إنه يعفو عن كثير فيتجاوزه ولا يخبركم به، وقيل يعفو عن كثير منكم فلا يؤاخذهم بما يصدر منهم والجملة في محل نصب عطفا على الجملة الحالية: أعني قوله (يبين لكم). قوله (قد جاءكم من الله نور) جملة مستأنفة مشتملة على بيان أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم قد تضمنت بعثته فوائد غير ما تقدم من مجرد البيان. قال الزجاج: النور محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقيل الإسلام. والكتاب المبين: القرآن، فإنه المبين، والضمير في قوله (يهدى به) راجع إلى الكتاب أو إليه وإلى النور لكونهما كالشئ الواحد (من اتبع رضوانه) أي ما رضيه الله، و (سبل السلام) طرق السلامة من العذاب الموصلة إلى دار السلام المنزهة عن كل آفة، وقيل المراد بالسلام: الإسلام (ويخرجهم من الظلمات) الكفرية (إلى النور) الإسلامي (ويهديهم إلى صراط مستقيم) إلى طريق يتوصلون بها إلى الحق لا عوج فيها ولا مخافة.
وقد أخرج ابن جرير عن قتادة في قوله (رسولنا) قال: هو محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج ابن جرير أيضا عن عكرمة قال: إن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم أتاه اليهود يسألونه عن الرجم فقال: أيكم أعلم؟
فأشاروا إلى ابن صوريا، فناشده بالذي أنزل التوراة على موسى والذي رفع الطور بالمواثيق التي أخذت عليهم حتى أخذه أفكل، فقال: إنه لما كثر فينا جلدنا مائة جلدة وحالقنا الرؤوس، فحكم عليهم بالرجم، فنزلت هذه الآية. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج نحوه. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله (ويعفو عن كثير) يقول