وقد أخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: نسخ هؤلاء الآيات - انفروا خفافا وثقالا - وإن لا تنفروا يعذبكم - قوله (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) يقول: لتنفر طائفة وتمكث طائفة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فالماكثون مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هم الذين يتفقهون في الدين وينذرون إخوانهم إذا رجعوا إليهم من الغزو، ولعلهم يحذرون ما نزل من بعدهم من قضاء الله في كتابه وحدوده. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي عنه نحوه من طريق أخرى بسياق أتم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضا في هذه الآية قال: ليست هذه الآية في الجهاد، ولكن لما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على مضر بالسنين أجدبت بلادهم، فكانت القبيلة منهم تقبل بأسرها حتى يخلوا بالمدينة من الجهد ويقبلوا بالإسلام وهم كاذبون، فضيقوا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأجهدوهم، فأنزل الله يخبر رسوله أنهم ليسوا بمؤمنين، فردهم إلى عشائرهم وحذر قومهم أن يفعلوا فعلهم، فذلك قوله (ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) وفي الباب روايات عن جماعة من التابعين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار) قال: الأدنى، فالأدنى. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أنه سئل عن غزو الديلم فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار) قال: الروم. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله (وليجدوا فيكم غلظة) قال: شدة.
سورة براءة الآية (124 - 129) قوله (وإذا ما أنزلت سورة) حكاية منه سبحانه لبقية فضائح المنافقين: أي إذا ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم سورة من كتابه العزيز فمن المنافقين (من يقول) لإخوانه منهم (أيكم زادته هذه) السورة النازلة (إيمانا) يقولون هذا استهزاء بالمؤمنين، ويجوز أن يقولوه لجماعة من المسلمين قاصدين بذلك صرفهم عن