قالوا: لا علم لنا، ثم نزلوا منزلا آخر فشهدوا على قومهم. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال:
قالوا لا علم لنا فرقا يذهل عقولهم، ثم يرد الله إليهم عقولهم فيكونون هم الذين يسألون بقول الله - فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين -. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أبي موسى الأشعري قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إذا كان يوم القيامة يدعى بالأنبياء وأممها ثم يدعى بعيسى فيذكره نعمته عليه فيقر بها، فيقول: يا عيسى ابن مريم أذكر نعمتي عليك وعلى والدتك الآية، ثم يقول أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله؟ فينكر أن يكون قال: ذلك، فيؤتى بالنصارى فيسألون، فيقولون نعم هو أمرنا بذلك، فيطول شعر عيسى حتى يأخذ كل ملك من الملائكة بشعرة من شعر رأسه وجسده، فيجاثيهم بين يدي الله مقدار ألف عام حتى يوقع عليهم الحجة ويرفع لهم الصليب وينطلق بهم إلى النار ". وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جائتهم بالبينات) أي بالآيات التي وضع على يديه من إحياء الموتى وخلقه من الطين كهيئة الطير وإبراء الأسقام والخبر بكثير من الغيوب. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله (وإذ أوحيت إلى الحواريين) يقول قذفت في قلوبهم. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة نحوه.
المائدة الآية (112 - 115) قوله (إذ قال الحواريون) الظرف منصوب بفعل مقدر: أي أذكر أو نحوه كما تقدم. قيل والخطاب لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم. قرأ الكسائي (هل تستطيع) بالفوقية، ونصب ربك، وبه قرأ علي وابن عباس وسعيد ابن جبير ومجاهد، وقرأ الباقون بالتحتية ورفع ربك. واستشكلت القراءة الثانية بأنه قد وصف سبحانه الحواريين بأنهم قالوا (آمنا واشهد بأننا مسلمون) والسؤال عن استطاعته لذلك ينافي ما حكوه عن أنفسهم. وأجيب بأن هذا كان في أول معرفتهم قبل أن تستحكم معرفتهم بالله. ولهذا قال عيسى في الجواب عن هذا الاستفهام الصادر منهم (اتقوا الله إن كنتم مؤمنين) أي لا تشكوا في قدرة الله، وقيل إنهم ادعوا الإيمان والإسلام دعوى باطلة، ويرده أن الحواريين هم خلصاء عيسى وأنصاره كما قال - من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله - وقيل إن ذلك صدر ممن كان معهم، وقيل إنهم لم يشكوا في استطاعة الباري سبحانه. فإنهم كانوا مؤمنين عارفين بذلك، وإنما هو كقول الرجل: هل يستطيع فلان أن يأتي مع علمه بأنه يستطيع ذلك ويقدر عليه، فالمعنى: هل يفعل ذلك وهل يجيب إليه؟ وقيل إنهم طلبوا الطمأنينة كما قال: إبراهيم عليه السلام - رب أرني كيف تحيى الموتى -