بالسواري فأرجئوا سنة لا يدرون أيعذبون أو يتاب عليهم؟ فأنزل الله عز وجل - لقد تاب الله على النبي - إلى قوله - وعلى الثلاثة الذين خلفوا إلى قوله ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم - يعني: إن استقاموا. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك مثله سواء. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله (اعترفوا بذنوبهم) قال: هو أبو لبابة إذ قال لقريظة ما قال، وأشار إلى حلقه بأن محمدا يذبحكم إن نزلتم على حكمه، والقصة مذكورة في كتب السير. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله (خلطوا عملا صالحا) قال غزوهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (وآخر سيئا) قال: تخلفهم عنه. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله (وصل عليهم) قال: استغفر لهم من ذنوبهم التي كانوا أصابوها (إن صلواتك سكن لهم) قال: رحمة لهم. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أتى بصدقة قال " اللهم صل على آل فلان، فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى ".
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله) قال: هذا وعيد من الله عز وجل. وأخرج أحمد وأبو يعلي وابن حبان والحاكم والبيهقي في الشعب وابن أبي الدنيا والضياء في المختارة عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة، لأخرج الله عمله للناس كائنا ما كان ". وأخرج ابن المنذر عن عكرمة في قوله (وآخرون مرجون لأمر الله) قال: هم الثلاثة الذين خلفوا. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في الآية قال:
هم هلال بن أمية ومرارة بن الربيع وكعب بن مالك من الأوس والخزرج. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله (إما يعذبهم) يقول: يميتهم على معصية (وإما يتوب عليهم) فأرجأ أمرهم ثم نسخها فقال - وعلى الثلاثة الذين خلفوا -.
سورة براءة الآية (107 - 110) لما ذكر الله أصناف المنافقين وبين طرائقهم المختلفة عطف على ما سبق هذه الطائفة منهم، وهم الذين اتخذوا مسجدا ضرارا، فيكون التقدير: ومنهم الذين اتخذوا على أن الذين مبتدأ، وخبره منهم المحذوف، والجملة معطوفة على ما تقدمها، ويجوز أن يكون الموصول في محل نصب على الذم. وقرأ المدنيون وابن عامر (الذين اتخذوا) بغير واو، فتكون قصة مستقلة، الموصول مبتدأ، وخبره (لا تقم) قاله الكسائي. وقال النحاس: إن الخبر هو (لا يزال بنيانهم الذي بنوا) وقيل الخبر محذوف، والتقدير يعذبون، وسيأتي بيان هؤلاء البانين لمسجد الضرار،