لهم ما تقدم من الذنوب وما تأخر (والله ذو الفضل العظيم) فهو المتفضل على عباده بتكفير السيئات ومغفرة الذنوب).
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (يجعل لكم فرقانا) قال: هو المخرج.
وأخرج ابن جرير عنه قال: هو النجاة. وأخرج ابن جرير عن عكرمة مثله. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: هو النصر.
سورة الأنفال الآية (30 - 33) قوله (وإذ يمكر بك الذين كفروا) الظرف معمول لفعل محذوف. أي واذكر يا محمد وقت مكر الكافرين بك أو معطوف على ما تقدم من قوله " واذكروا " ذكر الله رسوله هذه النعمة العظمى التي أنعم بها عليه، وهي نجاته من مكر الكافرين وكيدهم كما سيأتي بيانه (ليثبتوك) أي يثبتوك بالجراحات كما قال ثعلب وأبو حاتم وغيرهما، وعنه قول الشاعر:
فقلت ويحكم ما في صحيفتكم * قالوا الخليفة أمسى مثبتا وجعا وقيل المعنى ليحبسوك، يقال أثبته: إذا حبسه، وقيل ليوثقوك، ومنه: - فشدوا الوثاق -. وقرأ الشعبي (ليبيتوك) من البيات. وقرئ " ليثبتوك " بالتشديد (أو يخرجوك) معطوف على ما قبله: أي يخرجوك من مكة التي هي بلدك وبلد أهلك، وجملة (ويمكرون ويمكر الله) مستأنفة، والمكر: التدبير في الأمر في خفية. والمعنى:
أنهم يخفون ما يعدونه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المكايد فيجازيهم الله على ذلك ويرد كيدهم في نحورهم، وسمى ما يقع منه تعالى مكرا مشاكلة كما في نظائره (والله خير الماكرين) أي المجازين لمكر الماكرين بمثل فعلهم فهو يعذبهم على مكرهم من حيث لا يشعرون، فيكون ذلك أشد ضررا عليهم وأعظم بلاء من مكرهم.
قوله (وإذا تتلى عليهم آياتنا) أي التي تأتيهم بها وتتلوها عليهم (قالوا) تعنتا وتمردا وبعدا عن الحق (قد سمعنا) ما تتلوه علينا (لو نشاء لقلنا مثل هذا) الذي تلوته علينا، قيل إنهم قالوا هذا توهما منهم أنهم يقدرون على ذلك، فلما راموا أن يقولوا مثله عجزوا عنه، ثم قال عنادا وتمردا (إن هذا إلا أساطير الأولين) أي ما يستطره الوراقون من أخبار الأولين، وقد تقدم بيانه مستوفى (وإذ قالوا) أي واذكر إذ قالوا (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك) بنصب الحق على أنه خبر كان، والضمير للفصل، ويجوز الرفع. قال الزجاج: ولا أعلم أحدا قرأ بها ولا اختلاف بين النحويين في إجازتها، ولكن القراءة سنة، والمعنى: إن كان القرآن الذي جاءنا به محمد هو الحق (فأمطر علينا) قالوا هذه المقالة مبالغة في الجحود والإنكار. قال أبو عبيدة: يقال أمطر في العذاب، ومطر