شعائر الله) وفي قوله (ولا الشهر الحرام) يعنى: لا تستحلوا قتالا فيه (ولا آمين البيت الحرام) يعني من توجه قبل البيت الحرام، فكان المؤمنون والمشركون يحجون جميعا، فنهى الله المؤمنين أن يمنعوا أحدا حج البيت أو يتعرضوا له من مؤمن أو كافر، ثم أنزل الله بعد هذه الآية - إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا - وفي قوله (يبتغون فضلا) يعني أنهم يرضون الله بحجهم (ولا يجرمنكم) يقول: لا يحملنكم (شنآن قوم) يقول عداوة قوم (وتعاونوا على البر والتقوى) قال: البر ما أمرت به، والتقوى ما نهيت عنه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في الآية قال: شعائر الله ما نهى الله عنه أن تصيبه وأنت محرم، والهدى: ما لم يقلد والقلائد مقلدات الهدى (ولا آمين البيت الحرام) يقول: من توجه حاجا. وأخرج ابن جرير عنه في قوله (لا تحلوا شعائر الله) قال: مناسك الحج. وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالحديبية وأصحابه حين صدهم المشركون عن البيت، وقد اشتد ذلك عليهم، فمر بهم أناس من المشركين من أهل المشرق يريدون العمرة، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نصد هؤلاء كما صدنا أصحابنا، فأنزل الله (ولا يجرمنكم) الآية. وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه عن وابصة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له " البر ما اطمأن إليه القلب واطمأنت إليه النفس، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك ". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب ومسلم والترمذي والحاكم والبيهقي عن النواس بن سمعان قال: سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن البر والإثم، فقال: " البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ". وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي أمامة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الإثم، فقال: " ما حاك في نفسك فدعه. قال فما الإيمان؟ قال: من ساءته سيئته وسرته حسنته فهو مؤمن ".
هذا شروع في المحرمات التي أشار إليها سبحانه بقوله (إلا ما يتلى عليكم). والميتة قد تقدم ذكرها في البقرة، وكذلك الدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله، وما هنا من تحريم مطلق الدم مقيد بكونه مسفوحا كما تقدم حملا للمطلق على المقيد، وقد ورد في السنة تخصيص الميتة بقوله صلى الله عليه وآله وسلم " أحل لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال " أخرجه الشافعي وأحمد وابن ماجة والدارقطني والبيهقي وفي إسناده يقال، ويقويه حديث " هو الطهور ماؤه والحل ميتته " وهو عند أحمد وأهل السنن وغيرهم وصححه جماعة منهم ابن خزيمة وابن حبان، وقد أطلنا الكلام عليه في شرحنا للمنتقى. والإهلال رفع الصوت لغير الله كأن يقول بسم اللات والعزى ونحو ذلك، ولا حاجة بنا هنا إلى تكرير ما قد أسلفناه ففيه مالا يحتاج الناظر فيه إلى غيره.
(والمنخنقة) هي التي تموت بالخنق: وهو حبس النفس سواء كان ذلك بفعلها كأن تدخل رأسها في حبل أو بين