المقلدة وعصاهم التي يتوكئون عليها إن دعاهم داعي الحق وصرخ لهم صارخ الكتاب والسنة فاحتجاجهم بمن قلدوه ممن هو مثلهم في التعبد بشرع الله مع مخالفة قوله لكتاب الله أو لسنة رسوله هو كقول هؤلاء، وليس الفرق إلا في مجرد العبارة اللفظية، لا في المعنى الذي عليه تدور الإفادة والاستفادة، اللهم غفرا.
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في الآية: قال الخبيث هم المشركون والطيب هم المؤمنون. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال: خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط، فقال رجل: من أبي؟ فقال فلان، فنزلت هذه الآية (لا تسألوا عن أشياء). وأخرج البخاري وغيره نحوه من حديث ابن عباس، وقد بين هذا السائل في روايات أخر أنه عبد الله بن حذافة وأنه قال: من أبي؟ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " أبوك حذافة " وأخرج ابن حبان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطب فقال " يا أيها الناس إن الله قد افترض عليكم الحج، فقام رجل، فقال: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت عنه، فأعادها ثلاث مرات، فقال: لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت ما قمتم بها، ذروني ما تركتكم فإنما هلك الذين قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم " وذلك أن هذه الآية: أعني (لا تسألوا عن أشياء) نزلت في ذلك. وقد أخرج عنه نحو هذا ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه. وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة الباهلي نحوه. وأخرج ابن مردويه عن أبي مسعود نحوه أيضا. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس نحوه أيضا. وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني والحاكم وابن مردويه عن علي نحوه، وكل هؤلاء صرحوا في أحاديثهم أن الآية نزلت في ذلك. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن سعد بن أبي وقاص قال: كانوا يسألون عن الشئ وهو لهم حلال، فما زالوا يسألون حتى يحرم عليهم، وإذا حرم عليهم وقعوا فيه. وأخرج ابن المنذر عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شئ لم يحرم فيحرم من أجل مسألته ". وأخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إن الله حد حدودا فلا تعتدوها، وفرض لكم فرائض فلا تضيعوها. وحرم أشياء فلا تنتهكوها. وترك أشياء في غير نسيان ولكن رحمة لكم فاقبلوها ولا تبحثوا عنها ". وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله (لا تسألوا عن أشياء) قال: البحيرة والسائبة والوصيلة والحام. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن سعيد بن المسيب قال: البحيرة التي يمنع درها للطواغيت ولا يحلبها أحد من الناس، والسائبة كانوا يسيبونها لآلهتهم لا يحمل عليها شئ، والوصيلة الناقة البكر تبكر في أول نتاج الإبل ثم تثني بعد بأنثى. وكانوا يسيبونها لطواغيتهم إن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر، والحامي فحل الإبل يضرب الضراب المعدود، فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت وأعفوه من الحمل فلم يحمل عليه شئ وسموه الحامي. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: البحيرة الناقة إذا نتجت خمسة أبطن نظروا إلى الخامس، فإن كان ذكرا ونحوه فأكله الرجال دون النساء. وإن كانت أنثى جدعوا آذانها فقالوا هذه بحيرة، وأما السائبة فكانوا يسيبون من أنعامهم لآلهتهم لا يركبون لها ظهرا، ولا يحلبون لها لبنا، ولا يجزون لها وبرا، ولا يحملون عليها شيئا، وأما الوصيلة فالشاة إذا نتجت سبعة أبطن نظروا في السابع. فإن كان ذكرا أو أنثى وهو ميت اشترك فيه الرجال دون النساء، وإن كانت أنثى استحيوها، وإن كان ذكرا أو أنثى في بطن استحيوهما وقالوا وصلته أخته فحرمته علينا. وأما الحام فالفحل